انقطاع شامل للكهرباء في العراق.. الحرارة تكسر الأرقام القياسية والبنية التحتية تنهار
انقطاع شامل للكهرباء في العراق.. الحرارة تكسر الأرقام القياسية والبنية التحتية تنهار
شهد العراق، أمس الاثنين، انقطاعاً شبه تام في التيار الكهربائي استمر ساعات إثر ما وصفته وزارة الكهرباء بانطفاء تام للمنظومة نتيجة ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية وزيادة الاستهلاك، خصوصاً في محافظتي بابل وكربلاء.
وصلت الحرارة في بغداد و11 محافظة بوسط وجنوب البلاد إلى ما بين 48 و50 درجة مئوية، في حين تزامن الانقطاع مع توافد ملايين الزوار الشيعة إلى كربلاء لإحياء ذكرى أربعين الإمام الحسين، ما رفع الأحمال الكهربائية إلى مستويات غير مسبوقة.
وأوضح المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، في بيان، أن ارتفاع الطلب على الكهرباء في بابل وكربلاء، إلى جانب تدفق الزوار بالملايين، تسبب في انفصال خطي نقل للطاقة وخسارة أكثر من ستة آلاف ميغاواط بشكل مفاجئ، وأضاف أن هذا الخلل أدى إلى تسارع معدل ترددات الوحدات التوليدية وانفصالها عن العمل، ما تسبب بانطفاء كامل للمنظومة.
وأكد موسى، أن فرق الصيانة تعمل بشكل مستنفر لإعادة التيار تدريجيًا، وقد أعلن مركز السيطرة الجنوبية عن بدء عودة الكهرباء في ذي قار وميسان، في حين ستتأخر عودتها في البصرة حتى ساعات الفجر.
لم يشمل الانقطاع إقليم كردستان العراق، الذي يتمتع بحكم ذاتي ويملك قطاعًا خاصًا أكثر تطورًا يوفر الكهرباء لسكانه بلا انقطاع. هذا التباين يسلط الضوء على أزمة البنية التحتية في باقي البلاد، والتي تتأثر كل صيف بارتفاع الحرارة ونقص الإنتاج.
تأثير الحرارة والتغير المناخي
المتحدث باسم هيئة الأرصاد الجوية عامر الجابري أشار إلى أن موجات الحر الحالية أكثر شدة وتكرارًا مقارنة بالقرن الماضي، مرجعًا ذلك إلى التغير المناخي والعوامل البشرية مثل الجفاف وتراجع الأمطار، بالإضافة إلى انبعاثات مولدات الكهرباء الخاصة التي تفاقم درجات الحرارة.
وأضاف أن العراق يعيش كارثة بيئية تتجلى في جرف الأراضي الزراعية والتصحر، وهي عوامل تزيد الضغط على موارد الطاقة والمياه.
ولم يكن هذا الانقطاع الأول من نوعه، ففي يوليو 2023 تسبب حريق بمحطة نقل كهرباء في الجنوب بانقطاع واسع. ومع اعتماد معظم العراقيين على مولدات خاصة، يبقى تشغيل مكيفات الهواء في موجات الحر تحديًا كبيرًا، خاصة للفئات محدودة الدخل.
تؤكد وزارة الكهرباء أن العراق يحتاج لإنتاج نحو 55 ألف ميغاواط لتغطية ذروة الطلب صيفًا، في حين لم تتجاوز قدرته الإنتاجية هذا العام 28 ألف ميغاواط، وهو أفضل معدل تسجله البلاد، لكنه لا يلبي الاحتياجات.
بلد على حافة الإنهاك
العراق، الذي تصنفه الأمم المتحدة بين الدول الخمس الأكثر تأثرا بالتغير المناخي، يعاني منذ عقود مزيجًا قاتلًا من النزاعات والفساد وتدهور المرافق العامة، ما يجعل أي ضغط إضافي، كالموجات الحارة أو الزخم السكاني المؤقت، سببًا في شلل شبه كامل لمرافق أساسية مثل الكهرباء.
تعد أزمة الكهرباء في العراق واحدة من أعمق المشكلات الخدمية المزمنة في البلاد، منذ تسعينيات القرن الماضي، عانت الشبكة الوطنية من أضرار الحرب والعقوبات، وفشلت الحكومات المتعاقبة في إصلاحها جذريًا رغم صرف مليارات الدولارات على مشاريع الطاقة، يتفاقم الوضع صيفًا حين تصل الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
ويزداد الضغط على الشبكة خلال المناسبات الدينية الكبرى التي تجذب ملايين الزوار. وبحسب تقارير دولية، فإن التغير المناخي وتراجع الموارد المائية وسوء الإدارة تشكل معًا وصفة دائمة للأزمات الطاقوية في العراق.