"الثلاثاء لا للإعدام".. أصوات من خلف القضبان في مواجهة المقصلة

"الثلاثاء لا للإعدام".. أصوات من خلف القضبان في مواجهة المقصلة
حملة "الثلاثاء لا للإعدام" - أرشيف

في إيران، أصبح يوم الثلاثاء أكثر من مجرد موعد على التقويم؛ صار رمزًا لمقاومة صامتة لكنها عنيدة، تُرفع فيه الأصوات من خلف الأسوار العالية للسجون، مطالبة بوقف عجلة الإعدامات التي تدور بوتيرة غير مسبوقة. 

منذ بداية الشهر الجاري، أُعدم أكثر من 110 أشخاص، بمعدل صادم يصل أحيانًا إلى 20 حالة في يوم واحد، ما دفع المعتقلين السياسيين إلى الدخول في إضراب جماعي عن الطعام شمل 49 سجنًا موزعًا على مختلف أنحاء البلاد، بحسب بيان لحملة "الثلاثاء لا للإعدام"، صدر اليوم الثلاثاء.

ومن داخل الزنازين الرطبة والممرات الضيقة، أصدر المعتقلون السياسيون بيانهم المشترك في الأسبوع الحادي والثمانين لحملة "الثلاثاء لا للإعدام"، عبّروا فيه عن قلقهم البالغ إزاء ما وصفوه بـ"المذبحة القضائية". 

وتضمن البيان تفاصيل صادمة عن نقل خمسة سجناء سياسيين محكوم عليهم بالإعدام من سجن طهران الكبير إلى سجن قزل حصار في عملية وصفتها منظمة العفو الدولية بأنها "اختطاف في وضح النهار" وانتهاك صارخ لحقوق الإنسان.

إحدى أكثر الحوادث التي أثارت الرعب بين السجناء كانت ترحيل معتقل سياسي بلوشي إلى زنزانة انفرادية في سجن زاهدان، تمهيدًا لتنفيذ حكم الإعدام، وهو إجراء يشير عادة إلى أن التنفيذ وشيك خلال ساعات أو أيام قليلة.

تصعيد القمع.. والرد الشعبي

تشير التقارير الحقوقية إلى أن بعض السجناء نُقلوا بعد تعرضهم للضرب المبرح، في إطار سياسة ممنهجة لتكثيف الضغط النفسي والجسدي على المعتقلين السياسيين. لكن رغم هذه القبضة الحديد، انتقلت شرارة الاحتجاج إلى الشارع الإيراني.

في مدينة سميرم، أغلقت المحال والأسواق أبوابها تضامنًا مع شقيقين حُكم عليهما بالإعدام، في خطوة جريئة كسرت حاجز الخوف وأعادت للواجهة صورة المجتمع الإيراني الرافض للصمت أمام آلة القمع.

الإضراب الجماعي عن الطعام شمل أبرز السجون في إيران، منها قزل حصار (الوحدتين 3 و4)، إيفين، طهران الكبير، وقرتشك، إضافة إلى سجون في مشهد، تبريز، شيراز، زاهدان، كرمانشاه، سنه، مهاباد، بوكان، رشت، وأهواز، والرسالة واضحة: "لن نأكل حتى تتوقف آلة الإعدام".

الإضراب في مثل هذه الظروف القاسية لا يحمل فقط أخطاراً صحية كبيرة، بل يمثل تحديًا مباشرًا لإدارة السجون، إذ يضعها تحت رقابة الرأي العام المحلي والدولي.

نداء إلى العالم

البيان الصادر عن السجناء لم يكن مجرد توثيق للانتهاكات، بل كان أيضًا دعوة مفتوحة للعائلات والمجتمع الإيراني والمنظمات الدولية للتحرك. 

وطالب المعتقلون بنشر أحكام الإعدام على نطاق واسع، وتنظيم تجمعات سلمية، واستخدام كل الوسائل الممكنة لمواجهة "الدورة الدموية" التي تبتلع أرواح العشرات كل أسبوع.

"إن إنهاء هذه الدورة الدموية لا يتحقق إلا من خلال الشجاعة، والمقاومة الجماعية، ورفع الصوت في وجه الظلم"، هكذا ختم البيان، في رسالة تلخص معركة غير متكافئة بين السجين وسلطة المقصلة.

الإعدام في إيران

إيران تُعد من أكثر الدول تنفيذًا لعقوبة الإعدام في العالم، وغالبًا ما تُستخدم هذه العقوبة ضد المعتقلين السياسيين والأقليات العرقية، مثل البلوش والأكراد، بتهم تراوح بين "الإفساد في الأرض" و"التعاون مع جماعات معارضة". 

وطالبت منظمات حقوقية، بينها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، مرارًا بوقف هذه الممارسات التي تعدها "قتلًا خارج إطار العدالة".



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية