مزيد من القيود.. طالبان تحظر كتب المرأة وتعمّق أزمة التعليم في أفغانستان
مزيد من القيود.. طالبان تحظر كتب المرأة وتعمّق أزمة التعليم في أفغانستان
فرضت حركة طالبان منذ عودتها إلى السلطة قبل أربع سنوات قيودًا متزايدة على النظام التعليمي الحديث في أفغانستان، وصولًا إلى منع الفتيات من استكمال تعليمهن بعد الصف السادس.
وفي أحدث خطوة أثارت جدلاً واسعًا، أصدرت وزارة التعليم العالي التابعة للحركة أمرًا لجميع الجامعات الحكومية والخاصة بالتوقف عن تدريس الكتب التي كتبتها مؤلفات نساء أو مؤلفون إيرانيون، وكذلك الكتب المطبوعة في إيران.
أكد عضو في لجنة مراجعة الكتب، التي تعمل تحت إشراف وزارة الإعلام والثقافة في طالبان، لهيئة الإذاعة البريطانية "BBC"، الثلاثاء، أن نحو 140 كتابًا من تأليف نساء باتت ممنوعة من التداول في الجامعات.
ويشمل الحظر مؤلفات تتناول قضايا المرأة، المساواة، حقوق الإنسان، والتحرش الجنسي.
وأصدرت الوزارة كذلك قرارًا منفصلًا يقضي بمنع تدريس 18 مادة أكاديمية، منها "علم اجتماع المرأة، حقوق الإنسان والديمقراطية، النوع الاجتماعي والتنمية، النظم الانتخابية، الحكم الرشيد، تاريخ الأديان، فلسفة الأخلاق".
ضرب التعليم الجامعي
أدى هذا الحظر الواسع إلى تقويض العملية التعليمية في الجامعات الأفغانية، حيث مُنع الطلاب والطالبات -القلة الباقية- من الاطلاع على موضوعات تتعلق بالتعددية الفكرية والحقوق الأساسية.
واعتبر أكاديميون أن هذه الإجراءات تعني "إفراغ التعليم من مضمونه"، وتحويله إلى وسيلة لترسيخ رؤية أيديولوجية ضيقة.
وتشير منظمات حقوقية إلى أن الهدف من هذه السياسات هو إقصاء المرأة وإسكات الأصوات النقدية التي يمكن أن تخرج المجتمع من دائرة التجهيل الممنهج.
موجات من التقييد
شهدت أفغانستان موجات متكررة من التقييد التعليمي مع صعود طالبان إلى السلطة لأول مرة في تسعينيات القرن الماضي، حين حُرمت الفتيات تمامًا من التعليم، وأُغلقت معظم المدارس الحديثة.
وبعد سقوط النظام في عام 2001، عاد ملايين الأطفال، خاصة الفتيات، إلى مقاعد الدراسة بدعم من المجتمع الدولي.
لكن عودة طالبان في أغسطس 2021 أعادت المشهد إلى الوراء، إذ أغلقت المدارس الثانوية أمام الطالبات، ثم الجامعات لاحقًا، والآن باتت الكتب نفسها خاضعة للحظر.
تداعيات إنسانية خطيرة
حذرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" منذ عامين من تدهور جودة التعليم حتى للأولاد، مؤكدة أن المناهج الخاضعة لرقابة طالبان تفتقر إلى المعايير العلمية.
وترى منظمات دولية أن إقصاء النساء من التعليم يعني حرمان نصف المجتمع من حقه الأساسي في التعلم، وجرّ البلاد إلى عزلة فكرية عميقة.
وتضع هذه السياسات أجيالًا كاملة أمام مستقبل مظلم، حيث يغيب التعليم الحديث الذي يمكن أن يوفر فرص عمل، أو يسهم في بناء مجتمع قادر على النهوض من أزماته المتراكمة.
مأساة صامتة
تؤكد ناشطات أفغانيات أن ما يجري ليس مجرد قرارات إدارية، بل حرب على الوعي والمعرفة.
وتشير شهادات من داخل كابول إلى أن الطالبات اللواتي حُرمن من التعليم يعشن حالة من الإحباط واليأس، في حين يضطر بعضهن للجوء إلى التعليم السري عبر الإنترنت أو مجموعات منزلية صغيرة.
وتعتبر الأمم المتحدة أن حرمان النساء من التعليم يمثل "جريمة ضد حقوق الإنسان"، داعية طالبان إلى مراجعة سياساتها، لكن الحركة تواصل تجاهل هذه النداءات.