مساعٍ لتوطين 30 ألف لاجئ.. الاتحاد الأوروبي أمام اختبار التضامن في ملف الهجرة
مساعٍ لتوطين 30 ألف لاجئ.. الاتحاد الأوروبي أمام اختبار التضامن في ملف الهجرة
يواجه الاتحاد الأوروبي مع اقتراب نهاية عام 2025 تحدياً حقيقياً في تطبيق آلية التضامن الجديدة الخاصة بالهجرة، حيث يتعيّن على دوله السبع والعشرين إعادة توطين ما لا يقل عن 30 ألف طالب لجوء بحلول عيد الميلاد المقبل.
ويُنظر إلى هذه الخطوة على أنها اختبار لقدرة الاتحاد على تحويل الشعارات إلى أفعال ملموسة وسط تعقيدات سياسية واجتماعية متزايدة داخل القارة، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء.
وتهدف هذه الآلية التي أعلن عنها وزير الداخلية الفرنسي جيرالد دارمانان في 11 يونيو 2022 مع تولي بلاده رئاسة مجلس الاتحاد الأوروبي، إلى تخفيف الضغط عن الدول الواقعة على الخطوط الأمامية للهجرة، مثل اليونان وإيطاليا وإسبانيا.
وعلى الرغم من وضوح الهدف، تحولت العملية إلى كابوس سياسي معقد بسبب خلافات حادة بين الدبلوماسيين الأوروبيين حول كيفية توزيع الأعباء.
وزاد من تعقيد الوضع الانتقادات التي وجهها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الأسبوع الماضي، في الأمم المتحدة، حيث اعتبر أن السياسات الأوروبية في مجال الهجرة أسهمت في تفاقم الأزمة عبر الأطلسي.
هدف الآلية وآليات التنفيذ
فرض الاتحاد الأوروبي على جميع الدول الأعضاء المشارَكة في عملية التضامن هذه، حيث سيكون على كل دولة استقبال عدد محدد من طالبي اللجوء بشكل سنوي.
وفي حال رفض أي بلد استقبال حصته، سيتعين عليه دفع 20 ألف يورو عن كل طالب لجوء لصالح الدول التي تتحمل العبء الأكبر.
ويُفترض أن يتم توزيع 30 ألف شخص سنوياً ضمن هذه الخطة، الأمر الذي يضع الاتحاد أمام التزام طويل الأمد يتجاوز الجانب الإنساني ليصل إلى معركة سياسية داخلية تمس توازن الاتحاد ومستقبله.
تحديات على الأرض
واجهت دول مثل هنغاريا وبولندا منذ البداية هذه الآلية بمعارضة شديدة، معتبرةً أن فرض حصص إلزامية يتعارض مع سيادتها الوطنية.
وفي المقابل، دعت دول أخرى مثل ألمانيا وفرنسا إلى ضرورة الالتزام الجماعي لمواجهة أزمة الهجرة التي وصفت بأنها الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية.
وأكدت تقارير أن التوزيع اللوجستي لن يشكل العقبة الرئيسية، بل إن المعضلة تكمن في الانقسام السياسي الحاد والرأي العام الذي بات أكثر تشدداً تجاه قضايا الهجرة في عدة دول أوروبية.
الأزمة الأوروبية في الهجرة
بدأت أزمة الهجرة الأوروبية بالتصاعد منذ عام 2015 عندما شهدت القارة تدفقاً هائلاً للاجئين من سوريا والعراق وأفغانستان.
ومنذ ذلك الحين، تحولت الهجرة إلى قضية جوهرية في النقاشات السياسية الداخلية والخارجية للاتحاد، إذ صارت تُستغل من قبل التيارات اليمينية المتطرفة لتعزيز حضورها الانتخابي.
ورغم محاولات بروكسل وضع أطر تنظيمية، ظلت الانقسامات بين دول الشمال والجنوب، وبين الشرق والغرب، عقبة كبرى أمام بناء سياسة أوروبية موحدة للهجرة.
مستقبل التضامن الأوروبي
حذّر مراقبون من أن فشل الاتحاد الأوروبي في تنفيذ هذه الآلية بنهاية عام 2025 قد يضعف مصداقيته ويزيد من التوتر بين الدول الأعضاء.
وأكد خبراء أن التضامن في ملف الهجرة ليس مجرد قضية إنسانية، بل هو اختبار لوحدة الاتحاد وقدرته على مواجهة الأزمات العالمية المشتركة.
ومع استمرار الضغوط على الحدود الجنوبية للقارة، يظل مستقبل هذه السياسة رهناً بمدى استعداد الحكومات الأوروبية للتنازل عن بعض من مصالحها الوطنية لصالح رؤية أوروبية موحدة.