قانون جديد لمكافحة الكراهية في كندا يثير الجدل حول حرية التعبير

قانون جديد لمكافحة الكراهية في كندا يثير الجدل حول حرية التعبير
متضامنون مع فلسطين - أرشيف

أشعل مشروع قانون جديد لمكافحة جرائم الكراهية اقترحه رئيس الوزراء الكندي مارك كارني نقاشاً واسعاً في البلاد، بعد أن أثار تساؤلات قانونية معقدة حول ما إذا كان عرض رموز معينة يمكن اعتباره جريمة. 

ويأتي هذا الجدل وسط توترات متصاعدة بشأن الحرية الفنية والسياسية، خاصة بعد منع فرقة الراب الأيرلندية الشمالية "نيكاب" من دخول كندا بسبب دعمها لغزة، بحسب ما ذكرت وكالة “فرانس برس”، الأربعاء.

ويهدف مشروع القانون، الذي قدمته الحكومة الليبرالية الشهر الماضي، إلى مواجهة الارتفاع الحاد في جرائم الكراهية، إلا أن بنداً مثيراً للجدل نصّ على أن "الترويج المتعمد للكراهية ضد مجموعة محددة عبر عرض رموز الإرهاب أو الكراهية علناً يشكل جريمة"، ما أثار اعتراضات واسعة خشية أن يستخدم هذا النص لتجريم أشكال من الاحتجاج السياسي المشروع، خصوصاً تلك المرتبطة بالصراع الفلسطيني- الإسرائيلي.

التضامن مع غزة

يشمل القانون المقترح الرموز المرتبطة بالكيانات المصنفة إرهابية في كندا، مثل "حماس" و"حزب الله"، وهو ما دفع منتقدين للتحذير من أن الإجراءات الجديدة قد تؤدي إلى إسكات أصوات مؤيدة للفلسطينيين أو تقييد مظاهر التضامن معهم.

وتحوّلت القضية إلى محور نقاش وطني بعد أن مُنع أعضاء فرقة "نيكاب" الأيرلندية من دخول كندا، واضطُروا لإلغاء عروض موسيقية كانت مقررة هذا الشهر. 

وتُعرف الفرقة بمواقفها الداعمة لغزة وتكرارها لهتافات سياسية مؤيدة للفلسطينيين في حفلاتها، ما أثار حفيظة بعض الدوائر السياسية والإعلامية.

وفي المملكة المتحدة، أعلن مدّعون نيتهم استئناف قرار إسقاط تهمة دعم الإرهاب عن عضو الفرقة ليام أوهانا، المعروف باسم "مو شارا"، بعدما اتُهم بحمل علم حزب الله اللبناني خلال إحدى الحفلات في نوفمبر 2024، وهي تهمة ينفيها بشدة.

منع مثير للجدل 

أثار استبعاد "نيكاب" رسمياً من دخول كندا جدلاً غير مسبوق. فقد نشر فنس غاسبارو، العضو الليبرالي في البرلمان والمسؤول عن مكافحة الجريمة، تسجيلاً مصوراً أعلن فيه أن الفرقة ممنوعة بسبب دعمها للإرهاب.

ووصف محامي الهجرة الكندي أندرو كولتن الإعلان بأنه "غير مسبوق إطلاقاً"، مشيراً إلى أن القرار تجاوز الإجراءات المعتادة لتقييم أهلية الدخول إلى البلاد. 

وأكد أن حمل علم أُلقي على المسرح لا يمكن اعتباره دليلاً على دعم الإرهاب، مضيفاً أن إثبات مثل هذه الجريمة سيكون صعباً للغاية قانونياً.

وقالت المعلمة داريا إيسوب (61 عاماً)، التي كانت تخطط لحضور عرض في تورونتو، إنها شعرت بخيبة أمل وغضب شديد بعد إلغاء الحفل، مضيفة: "أعجبني دعمهم لغزة، لكن ما حدث غير معقول تماماً".

حرية التعبير بين القوانين والسياسة

رأت أناييس بوسيير ماكنيكول من رابطة الحريات المدنية الكندية أن ما حدث لفرقة "نيكاب" يمثل "جزءاً من سياق أوسع" يشهد فيه تراجعاً تدريجياً لمساحة حرية التعبير في كندا. 

وأكدت أن منظمتها قلقة بشدة من مشروع القانون الليبرالي الجديد، الذي قد يستخدم لتجريم مظاهر التضامن السياسي أو الإنساني.

ورغم ذلك، تدافع الحكومة عن المشروع الذي أُطلق عليه اسم "قانون مكافحة الكراهية"، وتقول إنه يستهدف التصدي لمعاداة السامية والإسلام ورهاب المثليين وغيرها من أشكال التمييز، وقد أشادت به منظمة "بناي بريث" اليهودية، واعتبرته "خطوة قوية ضد التطرف العنيف والكراهية".

وفي المقابل، وصف المجلس الوطني لمسلمي كندا القانون بأنه "مضلل وخطير"، مؤكداً أنه يخلق مناخاً من الخوف يسمح للسلطات بمصادرة رموز التضامن مع الفلسطينيين.

مخاوف من وصم المتظاهرين

حذرت رابطة الحريات المدنية الكندية من أن تحديد قائمة الكيانات الإرهابية الأجنبية قرار سياسي بالأساس، مشيرة إلى أن تجريم رموز مرتبطة بتلك المجموعات يزيد من خطر وصم وتجريم متظاهرين سلميين.

ويرى مراقبون أن القضية كشفت عن مفترق حساس في السياسة الكندية بين حماية المجتمع من خطاب الكراهية من جهة، وضمان حرية التعبير والتضامن السياسي من جهة أخرى. 

وبينما يبرر مؤيدو القانون بأنه خطوة لحماية السلم الأهلي، يخشى المعارضون أن يتحول إلى أداة رقابة سياسية تُكمم الأصوات المناصرة للقضايا الإنسانية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية