قلق أمميّ واستياء بريطانيّ من الحكم بالإعدام على مقاتلين أجانب في دونيتسك
قلق أمميّ واستياء بريطانيّ من الحكم بالإعدام على مقاتلين أجانب في دونيتسك
وصفت الأمم المتحدة المحاكمات الجائرة لأسرى الحرب بأنها تعتبر "جريمة حرب"، بعد أن حكم انفصاليون موالون لروسيا بالإعدام على 3 أجانب، أُسروا أثناء قتالهم إلى جانب السلطات الأوكرانية.
وقالت المتحدثة باسم مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان رافينا شمدساني: "منذ عام 2015، لاحظنا أن ما يسمى النظام القضائي لهذه الجمهوريات المعلنة أحاديا لا يفي بالضمانات الأساسية لمحاكمة عادلة، مثل الجلسات العلنية، واستقلال المحاكم وحيادها، والحق في عدم الإكراه على الشهادة".
وأضافت خلال مؤتمر صحفي في جنيف الجمعة “تشكل محاكمات كهذه بحق أسرى الحرب، جريمة حرب”، وفق وكالة الأنبا الفرنسية.
وشددت على أنه في حال الحكم بالإعدام، فإن "ضمانات المحاكمة العادلة هي الأهم".
وأفادت وكالة الأنباء الروسية الرسمية "تاس"، الخميس، بأن المحكمة العليا لـ"جمهورية دونيتسك الشعبية" حكمت بالإعدام على "البريطانيين أيدن أسلين وشون بينر والمغربي إبراهيم سعدون، المتهمين بالمشاركة في القتال كمرتزقة" والذين سبق أسرهم في منطقة ماريوبول.
وقالت شمدساني "نحن قلقون، مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان قلق بشأن حكم الإعدام" بحق الثلاثة.
وأوضحت أنه "وفق القائد العام لأوكرانيا، كان هؤلاء الرجال جزءًا من القوات المسلحة الأوكرانية، وإذا كان الأمر كذلك، فينبغي عدم اعتبارهم مرتزقة".
الأمم المتحدة تعارض
وفي نيويورك، ذكّر، المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، الجمعة، بأن الأمم المتحدة "تعارض عقوبة الإعدام".
وقال لصحفيين رداً على سؤال عن حكم الإعدام بحق البريطانيين والمغربي "نطالب بأن يحصل جميع المقاتلين الذين احتُجزوا، على حماية دولية وبأن يُعاملوا وفق اتفاقيات جنيف".
وبدوره، أعرب رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون الجمعة عن "استيائه" من أحكام الإعدام الصادرة بحق البريطانيَين، قائلا إنه يعمل مع كييف لإطلاقهما.
وقال المتحدث باسم جونسون إن "رئيس الوزراء مستاء من الحكم على هؤلاء الرجال"، مشدّداً على أن لندن "تدعم أوكرانيا في جهودها لإطلاقهم".
وأضاف "من الواضح أنهم خدموا في القوات المسلحة الأوكرانية وهم أسرى حرب".
وندّدت وزيرة الخارجية البريطانية ليز تراس الخميس بـ"حكم صوري يفتقر لأي شرعية"، وتحدثت صباح الجمعة إلى نظيرها الأوكراني دميترو كوليبا.
وأوضحت تراس في تغريدة أن الوزيرين "ناقشا الجهود المبذولة لتأمين إطلاق أسرى الحرب المحتجزين لدى موالين لروسيا، والحكم عليهم انتهاك صارخ لاتفاقية جنيف".
وردا على سؤال لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" في شأن السُبل الكفيلة بالإفراج عن هؤلاء، أوضح السفير الأوكراني في لندن فاديم بريستايكو أن الأمر "سيكون عملية تبادل"، مضيفا "السؤال هو ماذا سيكون الثمن لأن الروس يتحدثون عن تبادل مع نواب أوكرانيين" عملوا لحساب روسيا.
وذكر أن المقاتلين البريطانيَين وقّعا "عقودا مع القوات المسلّحة (الأوكرانية) وكانا يقيمان في أوكرانيا قبل ذلك".
دعوة لاستدعاء السفير الروسي
ودعا النائب والوزير المحافظ السابق روبرت جينريك الذي يمثل المقاطعة التي يتحدّر منها أيدن أسلين، وزارة الخارجية البريطانية إلى استدعاء السفير الروسي لدى المملكة المتحدة.
وقال إنّه "لا يمكن معاملة المواطنين البريطانيين بهذه الطريقة المشينة"، مضيفًا أن أوكرانيا أكدت له أن إطلاق أسلين وبينر سيحظى بالأولوية في سياق عمليات تبادل الأسرى بين كييف وموسكو.
واعتبرت برلين بدورها الجمعة أنّ صدور حكم الإعدام بحقّ المقاتلين الأجانب أمر "صادم".
من جهتها، عبّرت باريس عن “قلقها الشديد”، وقالت الخارجية الفرنسية في بيان إنه "يجب معاملة هؤلاء الأشخاص بما يحترم القانون الإنساني الدولي"، داعية روسيا والموالين لها في أوكرانيا إلى "احترام التزاماتهم في هذا الصدد".
إلى ذلك، أعلن الفيلق الدولي للدفاع الأوكراني "ليدو" الذي يضم متطوعين أجانب يقاتلون إلى جانب قوات كييف، أن 4 جنود أجانب متطوعين، بينهم فرنسي، قتلوا أثناء الغزو الروسي لأوكرانيا.
وقالت روسيا التي غالباً ما تدين وجود مرتزقة، إنها قتلت "مئات" المقاتلين الأجانب منذ بدء عمليتها العسكرية في 24 فبراير، وحدّت من تدفق مقاتلين جدد، ويبقى العدد الدقيق لهؤلاء الأجانب غير معروف.
مطلع مارس، بعيد بدء التدخل الروسي، أكد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن 16 ألف أجنبي تطوعوا، وهو عدد لا يمكن التحقق منه من مصادر مستقلة.
بداية الأزمة
اكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوغانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لاقت غضبًا كبيرًا من كييف والدول الغربية.
وبدأت القوات الروسية، فجر يوم الخميس 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، وسط تحذيرات دولية من اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.
وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش الأجواء الأكثر سوادًا منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها الأقسى على الإطلاق.
وقتل آلاف الجنود والمدنيين وشرد الملايين من الجانب الأوكراني، وفرضت دول عدة عقوبات اقتصادية كبيرة على موسكو طالت قيادتها وعلى رأسهم الرئيس فلاديمير بوتين، وكذلك وزير الخارجية سيرجي لافروف، كما ردت روسيا بفرض عقوبات شخصية على عددٍ من القيادات الأمريكية على رأسهم الرئيس الأمريكي جو بايدن.
وصوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة في الثاني من مارس، على إدانة الحرب الروسية على أوكرانيا، بموافقة 141 دولة على مشروع القرار، مقابل رفض 5 دول فقط مسألة إدانة روسيا، فيما امتنعت 35 دولة حول العالم عن التصويت.