أزمة إنسانية تتفاقم.. طالبان تواصل محو التراث الثقافي بهدم "سينما أريانا"

أزمة إنسانية تتفاقم.. طالبان تواصل محو التراث الثقافي بهدم "سينما أريانا"
قوات من طالبان أمام سينما أريانا في كابول- أرشيف

أقدمت حركة طالبان الأفغانية مؤخراً على هدم مبنى سينما أريانا، الواقع عند تقاطع نافورة المياه في وسط مدينة كابول، في خطوة أثارت استنكاراً واسعاً بين المواطنين والمهتمين بالتراث الثقافي في أفغانستان.

وأكدت شبكة "أفغانستان إنترناشيونال"، اليوم الخميس، أن عملية الهدم بدأت منذ يومين، وأسفرت عن أضرار كبيرة في بنية المبنى، وسط إجراءات أمنية مشددة وسياج حول المنطقة أثناء عمل الجرافات.

أهمية سينما أريانا

تعد سينما أريانا واحدة من أقدم دور السينما في أفغانستان، وهي رمز للمدينة القديمة وتاريخ كابول الفني والثقافي، وكانت هذه السينما، إلى جانب سينما بهزاد، تمثل مساحات للعرض السينمائي والترفيه، إضافة إلى كونها منصات للتجمعات الاجتماعية والثقافية. 

وفي مايو 2022، أعلنت بلدية طالبان في كابول إعادة افتتاح السينما وإقامة مهرجان فني فيها، لكن هذا الإعلان لم يستمر طويلاً مع بداية أعمال الهدم الأخيرة.

أفاد مالكو الأعمال التجارية المحيطة بالمكان بأن سلطات طالبان تعتزم بناء سوق تجاري مكان السينما، فيما لم تصدر الحركة أي بيان رسمي يوضح دوافعها وراء تدمير هذا المعلم التاريخي، وتظهر مقاطع الفيديو المنشورة من الموقع الجرافات وهي تعمل على هدم المبنى بالكامل، بينما يراقب عناصر طالبان المنطقة المحيطة.

سجل الانتهاكات الثقافية

هذا الهدم ليس الأول من نوعه، إذ سبق أن قامت طالبان بتدمير عدة دور سينما في كابول وبقية أنحاء أفغانستان، ففي الحصة الثانية من منطقة خيرخانه، تم هدم سينما خيرخانه.

وأعلنت الحركة بناء مسجد وسوق تجاري مكانها، ويأتي هذا التوجه في إطار تطبيق سلطات طالبان لقانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي يحظر نشر وعرض الصور الحية ويوقف نشاط دور السينما، كما أدى إلى إلغاء كلية الفنون الجميلة من هيكل التعليم العالي في البلاد.

ويشكل هدم السينما جزءاً من حملة أوسع ضد الحياة الثقافية والفنية في أفغانستان، والتي انعكست سلباً على المجتمع المدني.

ويشعر السكان بالقلق من فقدان مساحات تجمعهم ويعتبرون هذه الأعمال خطوة لإضعاف الهوية الثقافية للبلاد، كما أن إغلاق وإزالة المؤسسات الثقافية يحد من فرص الشباب في الانخراط في الأنشطة الإبداعية والتعليمية، ما يزيد من العزلة والتهميش في المجتمع.

وتأتي هذه الانتهاكات في وقت تواجه فيه أفغانستان أزمة إنسانية متفاقمة، مع تزايد مستويات الفقر وانعدام فرص التعليم والعمل، خصوصاً للنساء والفتيات اللائي تضررن بشكل مباشر من سياسات طالبان التمييزية، وتؤكد تقارير أممية أن القيود على الحقوق الأساسية والحريات العامة، بما في ذلك حرية التعبير والفنون والثقافة، تزيد من حدة الأزمة وتحد من قدرة المواطنين على مواجهة التحديات اليومية.

تحذيرات الأمم المتحدة

حذرت الأمم المتحدة مراراً من أن سياسات حركة طالبان تسهم في تدمير النسيج الاجتماعي والثقافي للبلاد، مؤكدة أن استمرار هدم دور السينما والمعالم الثقافية يفاقم الأزمة الإنسانية ويقوض فرص إعادة بناء مجتمع متماسك، وأشارت تقارير أممية إلى أن قمع الحياة الثقافية والتعليمية يجعل من الصعب على الشباب تطوير مهاراتهم والمشاركة في الاقتصاد والمجتمع بشكل فعال، ما يخلق حلقة مفرغة من الفقر والتهميش.

تمثل السينما في أفغانستان رموزاً للتراث الثقافي والهوية الوطنية، وقد لعبت دوراً أساسياً في الحياة الاجتماعية منذ القرن العشرين، ومع سيطرة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، شهدت البلاد سلسلة من القيود على الأنشطة الثقافية والتعليمية، بما في ذلك إغلاق دور السينما والمعاهد الفنية وحظر الفنون المسرحية.

وتشير الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان إلى أن هذه السياسات تهدد التراث الثقافي وتفاقم الوضع الإنساني، حيث يعيش ملايين الأفغان تحت خط الفقر، وتواجه النساء والفتيات قيوداً صارمة على التعليم والعمل والمشاركة العامة، ويعد هدم سينما أريانا أحدث الأمثلة على تأثير سياسات طالبان على المجتمع المدني، ويعكس استمرار الاتجاه نحو تقييد الحريات العامة وتدمير الرموز الثقافية في أفغانستان.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية