فرض الحجاب وشرطة الآداب.. هل تتحول ليبيا إلى دولة رقيب؟
فرض الحجاب وشرطة الآداب.. هل تتحول ليبيا إلى دولة رقيب؟
في خطوة أثارت الكثير من الجدل في الساحة الليبية، أعلن وزير الداخلية، عماد الطرابلسي، عن مجموعة من القرارات التي تركز على تعزيز "الآداب العامة" في البلاد، في محاولة لتوجيه المجتمع نحو الالتزام بالتقاليد الاجتماعية والهوية الثقافية الليبية.
تأتي هذه القرارات في سياق مسعى حكومة الوحدة الوطنية لتحقيق نوع من الاستقرار الاجتماعي في بلد يعاني من انقسام سياسي وأمني مستمر.
من بين تلك القرارات التي أثارت النقاش، فرض الحجاب على النساء في الأماكن العامة، بالإضافة إلى منع الاختلاط في المقاهي والأماكن العامة. كما تضمنت الخطة إعادة تفعيل شرطة الآداب في جميع مديريات الأمن في ليبيا، وهو جهاز كان قد تم إلغاؤه عقب سقوط نظام القذافي، وستتولى هذه الشرطة مراقبة السلوكيات التي يعتبرها الطرابلسي مخالفة لـ"قيم المجتمع الليبي"، مع التركيز على مراقبة المحتوى المنشور على منصات التواصل الاجتماعي مثل "تيك توك" وملاحقة الأفراد الذين يقدمون محتوى لا يتماشى مع تلك القيم.
كما تشمل الخطة إغلاق محال الحلاقة والمقاهي التي لا تلتزم بالضوابط الاجتماعية والقانونية المعمول بها، إلى جانب منع استيراد ملابس تعتبرها الحكومة غير لائقة بما يتماشى مع تقاليد المجتمع.
الحرية الشخصية في ليبيا
تأتي هذه التدابير وسط تصاعد النقاش حول الحرية الشخصية في ليبيا، حيث يرى البعض أن هذه القرارات تقيّد الحريات الفردية وتفتح الباب للرقابة على الحياة الخاصة، بينما يعتبرها آخرون محاولة للعودة إلى القيم الاجتماعية التي تأثرت بفوضى ما بعد القذافي.
وقد برر الوزير الطرابلسي تلك الإجراءات بأنها ضرورية لاستعادة النظام في البلاد، مؤكداً أنه سيتم فرض عقوبات على المخالفين تصل إلى الاعتقال، واصفاً من يعارض تلك السياسات بـ"الذين يسعون إلى الحرية الشخصية"، ويعكس هذا التصريح مواقف متزايدة في المنطقة مؤخراً حيث يُنظر إلى الحفاظ على "الهوية الوطنية" كواحدة من أولويات حكومات ما بعد الربيع العربي، خصوصاً في دول مثل ليبيا، التي تمر بمرحلة بناء المؤسسات عقب سنوات من الصراع.
أداة رقابية لضبط الأخلاقيات
إعادة تفعيل "شرطة الآداب" ليس بالأمر الجديد في تاريخ ليبيا؛ فقد كان لهذا النوع من الشرطة دور مهم في فترة حكم القذافي، حيث كانت تُستخدم كأداة رقابية اجتماعية لضبط الأخلاقيات العامة. ومع ذلك، فقد كان لهذا الدور جانب مظلم تمثل في استخدام الشرطة كأداة للقمع السياسي والاجتماعي. ومع انهيار النظام السابق، توقفت هذه الأجهزة بشكل شبه كامل، لكن العودة إليها الآن يثير تساؤلات حول مدى قدرة الحكومة على تطبيق هذه القرارات في ظل الأوضاع الأمنية المعقدة وتحديات بناء مؤسسات قوية وموثوقة.
مخاوف حقوقية
من الناحية الحقوقية، أثارت هذه الإجراءات قلق العديد من المنظمات الحقوقية المحلية والدولية، التي ترى فيها انتهاكاً لحقوق الإنسان والحريات الأساسية، خاصة في ما يتعلق بحرية التعبير وحرية الفرد في اختيار ملابسه وسلوكياته.
تقرير منظمة "هيومن رايتس ووتش" في عام 2023 أشار إلى أن القوانين التي تفرض قيوداً على الحياة الخاصة قد تؤدي إلى إدامة القمع السياسي والاجتماعي في ليبيا. وبحسب بيانات منظمة العفو الدولية، فإن هذه الإجراءات قد تساهم في زيادة الانقسام الاجتماعي وتقييد الحقوق الأساسية في بيئة تتسم بالفعل بالانقسام السياسي والنزاع المستمر.
من جهة أخرى، يُعد تفعيل الرقابة على منصات التواصل الاجتماعي خطوة مثيرة للقلق من ناحية حرية التعبير، في الوقت الذي تشهد فيه منصات مثل "تيك توك" زيادة كبيرة في استخدام الشباب الليبي. حيث تصل نسبة مستخدمي الإنترنت في ليبيا إلى 45% من إجمالي السكان، ويمثل الشباب الفئة العمرية الأكبر بين 15 و35 عاماً، الذين يعتمدون بشكل كبير على منصات مثل "تيك توك"، مما يجعل هذه الرقابة على الإنترنت ذات تأثير واسع على حرية التعبير والنقد في البلاد.
تداعيات اقتصادية
إغلاق المقاهي ومحال الحلاقة قد تكون له تداعيات اقتصادية أيضاً، إذ توفر هذه الأعمال وظائف للعديد من الشباب الليبي، ومع استمرار ارتفاع معدلات البطالة في البلاد، والتي تقدرها التقارير الاقتصادية الدولية لعام 2023 بنحو 20%، فإن هذه القرارات قد تزيد من الضغوط الاقتصادية على الشباب الليبي، لا سيما في الأحياء التي تعتمد على هذه الأنشطة كمصدر دخل أساسي.
تاريخ شرطة الآداب في ليبيا
شرطة الآداب في ليبيا هي إحدى الهيئات التي تأسست في فترة حكم معمر القذافي، وكانت جزءًا من الآليات التي استخدمها النظام لتطبيق الأيديولوجية الاجتماعية والسياسية على المجتمع.
نشأت هذه القوة في السبعينيات كجزء من "الثورة الثقافية" التي تهدف إلى تنظيم الحياة الاجتماعية في إطار قيم الثورة والأيديولوجيا الاشتراكية التي كان القذافي يروج لها. كانت شرطة الآداب آنذاك مسؤولة عن مراقبة السلوكيات العامة وضمان الامتثال لما يُعتبر سلوكاً مقبولاً وفقاً لمعايير النظام، مثل فرض الحجاب على النساء، ومنع اختلاط الرجال بالنساء في الأماكن العامة، إلى جانب مراقبة تصرفات الشباب من حيث الملابس وتسريحات الشعر.
وقد استُخدمت شرطة الآداب كأداة قمعية لمتابعة الحياة اليومية للمواطنين، حيث كانت تقوم بدور مراقب سلوك الأفراد في الشوارع والمقاهي، بل وأحياناً اقتحام المنازل للبحث عن أية مخالفات يعتبرها النظام تهديداً للأخلاق العامة، ووفقاً للمصادر، كانت شرطة الآداب تتابع مراكز التجميل ومحال الحلاقة لضمان عدم وجود تسريحات شعر "غريبة" أو غير مقبولة. كما كان يُحظر على النساء ارتداء الملابس "غير المحتشمة" أو "الغربية"، وكان يُفرض عليهن الحجاب في الأماكن العامة في بعض الفترات.
تاريخياً، في السنوات التي تلت سقوط نظام القذافي في عام 2011، تم إيقاف العمل بشكل فعلي لشرطة الآداب. ولكن، مع حالة الفوضى السياسية والأمنية التي تعيشها ليبيا، ظهرت محاولات من بعض الحكومات والجهات السياسية لإعادة تفعيل هذه القوة مرة أخرى. على الرغم من أن المجتمع الليبي شهد تغييرات كبيرة منذ الثورة، بما في ذلك تزايد الانفتاح على أفكار وحركات حقوق الإنسان والحرية الشخصية، إلا أن هناك قوى سياسية وإسلامية في بعض الأوقات حاولت تفعيل هذه الآليات تحت مسميات مختلفة، بما في ذلك فرض الحجاب على النساء في المدارس العامة، ومنع الاختلاط في الأماكن العامة، وكذلك متابعة السلوكيات عبر الإنترنت، خاصة في شبكات التواصل الاجتماعي.
ووفقاً لتقارير منظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن هذه الإجراءات تهدد بشكل كبير الحريات الفردية في ليبيا، خاصةً في ظل الحالة الأمنية المتدهورة والنزاعات السياسية بين الحكومتين المتنازعتين في شرق وغرب البلاد. وقد أشار العديد من النشطاء الحقوقيين إلى أن تفعيل شرطة الآداب في أي فترة زمنية قد يعمق الانقسامات الاجتماعية ويؤدي إلى قمع الحريات الشخصية تحت ذرائع"حماية القيم الاجتماعية".
ووفقاً لتقارير أخرى، فإن القوانين التي تُقيد حرية الأفراد، خاصة النساء، في مجتمعات ما بعد القذافي، قد تزيد من توترات الصراع في ظل الأوضاع السياسية المتدهورة، مما قد يؤدي إلى تفاقم الوضع الأمني بشكل أكبر.
خطوة للوراء في مسار حماية الحقوق
وقال خبير حقوق الإنسان العراقي، محمود الحمداني، إن هذه القرارات تثير جدلاً واسعاً في الأوساط الحقوقية، إذ تشكل خطوة تراجعية في مسار حماية الحقوق الفردية، وتعرض المجتمع لمخاطر تهديد الحريات الأساسية التي تضمنها المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، كما تتصادم هذه القرارات بشكل كبير مع المبادئ التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وعلى رأسها حرية الفكر والمعتقد والحق في الخصوصية، مما يعكس تناقضاً بين التصريحات الرسمية التي تدعي الدفاع عن القيم الاجتماعية والممارسات التي تقيد الحقوق الفردية وتغذي الانقسامات الاجتماعية.
وتابع في تصريحات لـ"جسور بوست"، أن قرار فرض الحجاب على النساء بشكل قسري يعد انتهاكاً لحقهن في حرية الاختيار والحرية الشخصية، وفقاً للمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تؤكد حق كل فرد في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق أيضاً اختيار طريقة التعبير عن هذا المعتقد، وإن فرض الحجاب يتناقض مع هذا الحق، إذ يجبر النساء على اتباع ممارسة دينية معينة دون مراعاة للاختلافات الفردية في المعتقدات والممارسات، ففي المجتمع الليبي كما في غيره من المجتمعات، ينبغي أن يكون الخيار الشخصي هو المعيار في هذه القضايا، وليس التدخل القسري من الدولة أو أي جهة أخرى.
تدخل غير مبرر في الحياة الخاصة
وأوضح أن ما يزيد من القلق هو عودة شرطة الآداب، وهي خطوة توحي بتعزيز الرقابة الاجتماعية بشكل مفرط، فهذه الخطوة لا تهدد فقط حرية النساء في اختيار لباسهن، بل قد تُستخدم لاحقاً لمراقبة سلوكيات أخرى في المجتمع، مما يشكل تدخلاً غير مبرر في الحياة الخاصة للأفراد، فشرطة تراقب سلوك الأفراد وتقيد اختياراتهم الشخصية باسم "حماية القيم الاجتماعية" قد تؤدي إلى تقييد حرية التعبير عن الذات، الأمر الذي يتناقض مع مبدأ أساسي من مبادئ حقوق الإنسان: الحق في الخصوصية، والعودة إلى هذا النوع من الرقابة قد تفتح الباب أمام تزايد الانتهاكات التي تمس الحريات الأساسية وتعزز من ثقافة الخوف والقمع بدلاً من الحوار المجتمعي والتسامح.
وأضاف من الناحية الحقوقية، أن قضية التمييز قد تتبع هذه الإجراءات، حيث يعكس فرض الحجاب وعودة شرطة الآداب موقفاً ضيق الأفق تجاه التنوع الاجتماعي والديانات المختلفة، ففي عالم يسعى إلى احترام الاختلاف الثقافي والديني، يجب أن تكون خيارات الأفراد مقدسة ولا يمكن أن تكون خاضعة للضغط أو للرقابة. فالمجتمعات المتقدمة تعتبر التنوع جزءاً من قوتها، وتحترم حق كل فرد في التعبير عن هويته الخاصة، سواء كانت دينية أو ثقافية. إلا أن القرارات الأخيرة في ليبيا تهدد بتوحيد الهويات، مما قد يؤدي إلى تهميش الأقليات داخل المجتمع وخلق بيئة من الاستبعاد.
مبادئ الديمقراطية وثقافة الاستبداد
وأشار إلى أنه لا يمكن التغاضي عن تأثير هذه القرارات على الحريات العامة، فعندما تُفرض ممارسات دينية أو أخلاقية بالقوة، يكون ذلك بمثابة تقييد للحريات الشخصية، وهو ما يتعارض مع مبادئ الديمقراطية التي تضمن لكل فرد الحق في الاختيار والتصرف بحرية في حياته الخاصة. إن هذه السياسات قد تعزز فكرة الدولة الرقيب التي تتدخل في جميع جوانب حياة المواطن، وهو ما يتناقض مع المبادئ الديمقراطية التي تحترم سيادة القانون وحقوق الأفراد.
واسترسل الخبير الحقوقي قائلاً، إن هذه السياسات قد تؤدي إلى تعزيز ثقافة الاستبداد، كما تفرض هذه القرارات رسائل مقلقة حول الطريقة التي يُنظر بها إلى الأفراد في ليبيا، خاصة النساء، إذ يُحرمون من حرية اتخاذ قراراتهم بناءً على قناعاتهم الشخصية. من زاوية أخرى، يمكن القول إن فرض الحجاب وعودة شرطة الآداب يشكلان انتكاسة كبيرة لحقوق المرأة في ليبيا، التي تواجه أصلاً العديد من التحديات في ظل الظروف السياسية والاجتماعية الحالية. بينما يطالب المجتمع الدولي بحقوق المرأة وتكريس المساواة بين الجنسين، تأتي هذه القرارات لتخالف هذه المبادئ، وتعزز من تصورات تقليدية ومجحفة ضد المرأة، مما يزيد من صعوبة مشاركتها الفعالة في الحياة العامة والسياسية.
وختم قائلاً، إن السياسات العامة في ليبيا يجب أن تقوم على احترام حقوق الإنسان وحمايتها، وليس على فرض قيود على حرية الأفراد بدعوى حماية القيم المجتمعية. ينبغي أن تضمن الدولة حماية الحقوق الشخصية، بما في ذلك حرية الدين والمعتقد والحرية في اختيار أسلوب الحياة، دون اللجوء إلى فرض قوانين قسرية. التمسك بالمبادئ الإنسانية والحقوقية سيضمن لمجتمع ليبيا مستقبلاً أكثر عدلاً وحرية.
تقييد للحريات
وفي السياق الاجتماعي، قال خبير علم الاجتماع والأكاديمي طه أبو حسين، إن القرارات الليبية تشكل محوراً مثيراً للجدل في دراسة التغيرات الاجتماعية في المجتمع الليبي. فهذه القرارات لا تقتصر على أبعاد قانونية أو دينية فحسب، بل تساهم بشكل كبير في تشكيل التفاعلات الاجتماعية والهويات الفردية والجماعية في البلاد. تطرح هذه السياسات تساؤلات هامة حول تأثيراتها على الأفراد وعلى نسق القيم الاجتماعية، حيث يمكن أن تكون لها تداعيات كبيرة على مستوى التنوع الاجتماعي، وتماسك المجتمع، وعلاقات القوة بين الأفراد. وفرض الحجاب على النساء بشكل قسري يعد تحدياً لحرية الاختيار الفردي، وهو أمر يؤثر على ديناميكيات العلاقات بين الجنسين داخل المجتمع.
وأوضح في تصريحاته لـ"جسور بوست" أنه في مجتمع مثل المجتمع الليبي، الذي يشهد تحولاً في العديد من المجالات بعد سنوات من الصراع، يمكن أن يؤدي هذا القرار إلى تعزيز الانقسامات بين أفراد المجتمع، سواء من خلال تعزيز التصور التقليدي للمرأة أو عبر خلق نزاعات اجتماعية بين من يؤيدون هذا القرار وبين من يعارضونه، وهذا النوع من القرارات يمكن أن يساهم في تكريس صورة نمطية للمرأة، حيث يُنظر إليها كموضوع لقيم مجتمعية أكثر من كونها فرداً ذا حقوق وحريات شخصية.
بيئة مشحونة بالتوتر
وتابع، من جهة أخرى، تساهم عودة شرطة الآداب في خلق بيئة اجتماعية مشحونة بالتوتر، إذ تصبح مراقبة سلوك الأفراد جزءاً من الحياة اليومية. يعزز هذا النوع من الرقابة ثقافة الخوف، حيث يُشعر الأفراد بأنهم مراقبون دائماً، مما يقيد حريتهم في التعبير عن أنفسهم بحرية. في مجتمعات تحاول إعادة بناء مؤسساتها، يجب أن يكون الهدف هو تعزيز الحريات الفردية، وليس تعزيز نظام رقابي يقيد قدرة الأفراد على اتخاذ قراراتهم بحرية. هذه البيئة قد تؤدي إلى تعزيز السلوكيات الانتهازية، حيث يضطر الأفراد إلى التظاهر باتباع القواعد الاجتماعية المقررة بدلاً من التعبير عن مواقفهم الحقيقية.
وذكر أنه على مستوى الأفراد، يمكن أن تؤدي هذه السياسات إلى تآكل الثقة في المؤسسات الحكومية. عندما تُفرض القيم الدينية أو الاجتماعية بشكل قسري، يترسخ في ذهن المواطن شعور بأن الدولة لا تحترم خصوصيته ولا تقدر التنوع الذي يمكن أن يكون سمة مميزة لمجتمع ديمقراطي، وهذا النوع من السياسات يمكن أن يضعف من شعور المواطنين بالانتماء إلى الدولة، حيث يشعرون أنهم مجبرون على تبني ممارسات لا تتفق مع قناعاتهم الخاصة، كما أن فرض الحجاب بشكل قسري لا يعكس فقط التدخل في حرية النساء، بل أيضاً في تفاعل الأفراد مع الثقافة العامة والتقاليد المحلية. فالمجتمع الليبي، كغيره من المجتمعات، يضم طيفاً واسعاً من الأيديولوجيات والمعتقدات، وفرض نمط واحد من اللباس لا يعكس سوى تهميش لهذه التعددية الثقافية.
تبعات اقتصادية واجتماعية
وأوضح أن هذه القرارات قد تكون لها تبعات اقتصادية واجتماعية، خاصة في مجال التعليم والعمل. فبفرض الحجاب على النساء، قد يتم استبعاد البعض من فرص التعليم أو العمل بسبب تقييد حرياتهن الشخصية أو تصنيفهن وفقاً لمعايير ضيقة قد تتناقض مع تطلعاتهن المهنية والتعليمية، في الوقت الذي يُفترض فيه أن يتم تشجيع التقدم الاجتماعي من خلال توفير الفرص المتساوية، يؤدي التمييز الجندري المقترن بقرارات سياسية واجتماعية إلى تأثير سلبي على تقدم المجتمع ككل.
واسترسل قائلاً، بالنظر إلى العلاقة بين السلطة والمجتمع، يمكن القول إن هذه القرارات تساهم في تعزيز سلطوية الدولة على الأفراد، حيث يتم استخدام "القيم الأخلاقية" كأداة لضبط السلوك الاجتماعي، مما يعيد فرض السلطة على الأفراد بطرق قد تفرغ المجتمع من حيويته ونشاطه، وهذا التوجه يؤدي إلى تنامي الصراعات الاجتماعية بين فئات المجتمع المختلفة، وقد يُسهم في نشوء حالة من الاستقطاب الاجتماعي بين من يتبعون هذه المعايير المفروضة ومن يرفضونها.
وختم قائلاً، إن فرض الحجاب وعودة شرطة الآداب في ليبيا ليسا مجرد موضوع ديني أو ثقافي، بل قضية اجتماعية معقدة تؤثر على تماسك المجتمع وتطوره، تهدد هذه القرارات بإحداث تأثيرات سلبية على الأفراد.