"واشنطن بوست": وكالة أمريكية تتجه لتخفيف قيود المواد الكيميائية بمياه الشرب
"واشنطن بوست": وكالة أمريكية تتجه لتخفيف قيود المواد الكيميائية بمياه الشرب
كشفت صحيفة "واشنطن بوست"، اليوم الأربعاء، عن خطط جذرية لوكالة حماية البيئة الأمريكية تهدف إلى إعادة تقييم القواعد التنظيمية التي تحد من تركيز أربع مواد كيميائية دائمة في مياه الشرب، تأتي هذه المراجعة بعد عام من إصدار قواعد وصفت بالتاريخية، وتُثير المخاوف من أن التراجع عن هذه الضوابط قد يؤدي إلى مخاطر صحية على نطاق واسع.
وقررت وكالة حماية البيئة الأمريكية (EPA)، إلغاء القيود الحالية وإعادة النظر في المعايير التنظيمية الخاصة بأربع مواد كيميائية من مجموعة مواد البيرفلورو ألكيل والبولي فلورو ألكيل (PFAS)، وهي مواد معروفة بثباتها في البيئة وصعوبة تحللها.
تأتي هذه الخطوة ضمن مراجعة شاملة للائحة صدرت في عهد إدارة الرئيس جو بايدن العام الماضي.
وتشمل هذه المواد الكيميائية PFHxS، وPFNA، وGenX، وPFBS، وهي مركبات صنفت سابقًا ضمن أخطر أنواع الملوثات البيئية بسبب ارتباطها بأمراض متنوعة تشمل السرطان، واضطرابات النمو، والتأثيرات على الجهاز المناعي والهرموني.
وأعلنت وكالة حماية البيئة أنها ستحافظ على القواعد الحالية التي تقيّد وجود مادتي PFOA وPFOS في مياه الشرب، وهما من أكثر مركبات PFAS شيوعًا وخطورة، إلا أنها قررت تمديد المهلة الممنوحة لمرافق المياه العامة للامتثال إلى هذه القواعد من عام 2029 إلى عام 2031.
وأكد مدير وكالة حماية البيئة، لي زيلدين، أن هذه الخطوة تهدف إلى تحقيق توازن بين حماية الصحة العامة ومنح المرونة اللازمة للمرافق، قائلًا إن التعديل الجديد "يوفر وقتًا إضافيًا مع الحفاظ على الحماية من هذه المواد الخطرة".
تأثيرات سلبية على الصحة
أشارت وثيقة رسمية أصدرها البيت الأبيض في مارس بعنوان "استراتيجية وطنية لإنهاء استخدام المصاصات الورقية"، إلى أن مركبات PFAS مرتبطة بتأثيرات خطيرة على الصحة البشرية، من بينها اضطرابات النمو لدى الأطفال، والسرطان، والتأثيرات السلبية على الصحة الإنجابية والهرمونية.
وأكدت تقارير علمية أن مركبات PFAS منتشرة في معظم أنحاء الولايات المتحدة، وتظهر في مياه الشرب لنحو 158 مليون أمريكي، بحسب تقديرات وكالة حماية البيئة، كما كشفت تحاليل بيئية وجود هذه المواد في دماء معظم المواطنين الأمريكيين، وحتى في أماكن نائية مثل القارة القطبية الجنوبية.
ورفعت جمعيات تمثل مرافق المياه في الولايات المتحدة دعاوى قضائية ضد وكالة حماية البيئة في يونيو، بحجة أن القاعدة الجديدة تعتمد على بيانات غير دقيقة، وأن الجدول الزمني المفروض غير عملي، وقدرت الوكالة أن تنفيذ القاعدة سيكلف شركات المرافق نحو 1.5 مليار دولار سنويًا.
وحددت القاعدة التي صدرت العام الماضي الحد الأقصى لمادة PFOA وPFOS بـ4 أجزاء لكل تريليون، بينما حددت لمركبات PFHxS وPFNA وGenX حدودًا تصل إلى 10 أجزاء لكل تريليون، كما ألزمت اللائحة مرافق المياه باستخدام مؤشر خاص لقياس التهديد العام الناتج عن خليط هذه المواد.
قواعد جديدة قريبًا
أفادت الوثائق التي اطلعت عليها صحيفة "واشنطن بوست" بأن وكالة حماية البيئة ستبدأ في وضع قواعد جديدة للخريف القادم، على أن تصدر اللوائح الجديدة في ربيع العام المقبل، وستطلق الوكالة برنامجًا جديدًا باسمPFAS OUT، يهدف إلى دعم مرافق المياه عبر توفير الموارد، والمساعدة الفنية، والتمويل لتلبية المعايير الجديدة.
وأكد المدير الاستراتيجي للصحة في مجلس الدفاع عن الموارد الطبيعية، إريك أولسون، أن أي تراجع عن القواعد الحالية يُعد انتهاكًا صريحًا لقانون مياه الشرب الآمنة، الذي يمنع التراجع عن معايير تم إقرارها مسبقًا لحماية الصحة العامة.
وقال أولسون: "القانون واضح.. لا يمكن للوكالة التراجع عن معايير وضعتها لحماية الناس من المواد الكيميائية السامة.. إن هذا التوجه يمثل تهاونًا خطيرًا في مسؤولية الوكالة تجاه الصحة العامة".
انتقادات خبراء صحة
صرحت المديرة السابقة للمعهد الوطني لعلوم الصحة البيئية، ليندا بيرنباوم، بأن رفع القيود عن بعض المواد الكيميائية البديلة مثل GenX مثير للقلق، نظرًا لما تُظهره الأدلة من ارتباطها بتلف الكبد والكلى، وضعف المناعة، وحتى الإصابة بالسرطان في تجارب على الحيوانات.
وقالت بيرنباوم: "كلما تقدم العلم اكتشفنا مدى خطورة هذه المركبات.. التراجع عن هذه القيود الآن لا يتفق مع ما نعرفه علميًا".
وأعربت إيميلي دونوفان، إحدى سكان مدينة ويلمنغتون بولاية كارولاينا الشمالية، عن قلقها الشديد من إلغاء القيود على مادة GenX، مشيرة إلى أن هذا القرار يخدم مصالح الشركات الكيميائية وليس صحة المجتمع، قالت دونوفان، وهي ناشطة في منظمة شعبية تدافع عن نظافة المياه: "إن هذا القرار انتصار للصناعة، لا للناس".