لبنان يكشف عن خطة متعددة المراحل لإعادة النازحين السوريين
لبنان يكشف عن خطة متعددة المراحل لإعادة النازحين السوريين
أعلن نائب رئيس الحكومة اللبنانية الوزير طارق متري، اليوم الأحد، عن إنجاز اللجنة الوزارية المكلفة بملف النازحين السوريين خطة جديدة متعددة المراحل لإعادة النازحين إلى سوريا، مؤكداً أنها ستُعرض قريباً على مجلس الوزراء لنيل الموافقة النهائية قبل انطلاق تنفيذها.
وأوضح متري، الذي يرأس اللجنة الوزارية المختصة، أن الخطة الجديدة تم التوافق عليها بعد سلسلة اجتماعات وتقييمات للوضع الميداني، مشيراً إلى أنها تقوم على مسارات مختلفة تشمل العودة المنظمة وغير المنظمة، وتراعي الظروف الأمنية واللوجستية، إضافة إلى الجوانب الإنسانية.
وأكد أن الحكومة اللبنانية تتطلع إلى بدء المرحلة الأولى من العودة قبل بداية العام الدراسي الجديد، أي بحلول أوائل سبتمبر المقبل، رغم عدم القدرة على تحديد عدد دقيق للعائدين، لكنه توقع أن يتراوح بين 200 و300 ألف نازح في المرحلة الأولى.
رغبة فعلية في العودة
وأفاد متري بأن نتائج استطلاع للرأي أجرته مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أظهرت أن عدداً كبيراً من النازحين أبدى رغبة فعلية في العودة إلى بلده، خاصة في ظل وعود من الحكومة السورية، برئاسة الرئيس أحمد الشرع، بعدم معارضة عودة مواطنيها. وأضاف أن اللجنة اللبنانية تواصلت مع أطراف دولية لضمان مراقبة ظروف العودة بما يتماشى مع المبادئ الإنسانية.
وبحسب ما أوضحه متري، ستقوم الدولة اللبنانية بتنظيم رحلات العودة وفق جداول محددة بعد تسجيل أسماء الراغبين، وتأمين حافلات لنقلهم إلى الداخل السوري.
وسيتلقى كل عائد في هذه الآلية مبلغاً مالياً بقيمة 100 دولار أميركي كمساهمة لتغطية نفقات العودة الأولية. أما في حالة العودة غير المنظمة، فسيُسمح للنازح بالمغادرة الفردية في الوقت الذي يحدده، وعلى نفقته، لكنه سيحصل كذلك على نفس الدعم المالي البالغ 100 دولار.
إعفاء من الغرامات
وأشار متري إلى أن الأمن العام اللبناني سيعفي جميع العائدين إلى سوريا من الغرامات المفروضة عليهم بسبب انتهاء صلاحية الإقامات، بشرط عدم عودتهم إلى الأراضي اللبنانية في وقت لاحق، وهو ما يُفهم منه أن العودة يجب أن تكون نهائية لتفادي الاستغلال الاقتصادي أو القانوني.
وأكد متري أن الحكومة اللبنانية تلقت وعوداً من بعض الدول المانحة والمنظمات الإنسانية لدعم العائدين مادياً في سوريا، سواء عبر مشاريع إعادة تأهيل سكنية أو دعم اقتصادي مباشر، بهدف تمكينهم من الاستقرار وتثبيتهم في الداخل السوري، وتقليص فرص الهجرة المعاكسة أو العودة غير النظامية إلى لبنان، التي غالباً ما تكون مدفوعة بعوامل اقتصادية قاهرة.
وفي رده على المخاوف الحقوقية، شدد متري على أن الدولة اللبنانية لا تنوي اللجوء إلى أي ترحيل قسري جماعي للنازحين، مؤكداً أن العودة ستكون طوعية بالكامل، وتحت رقابة وضمانات، كما أشار إلى أن الدولة اللبنانية تراعي في خطتها التوازن بين السيادة الوطنية والمبادئ الإنسانية الدولية.
سياق متوتر وضغط داخلي
تأتي هذه الخطة في ظل تصاعد الضغوط السياسية والشعبية داخل لبنان، الذي يستضيف أكثر من مليون ونصف نازح سوري منذ اندلاع الحرب في 2011، في ظل تراجع اقتصادي كارثي ونقص حاد في الخدمات العامة.
وكانت أصوات سياسية عديدة قد طالبت بتسريع العودة باعتبارها "حلاً وطنياً واجباً"، مقابل اعتراض منظمات حقوقية وإنسانية تخوفت من ظروف العودة في سوريا، سواء من ناحية الأمن أو الحقوق الأساسية.
وبينما تنقسم الآراء بين مؤيد يعتبر الخطة خطوة شجاعة ضرورية لإنهاء ملف يرهق كاهل الدولة اللبنانية، ومعارض يحذر من تداعياتها الإنسانية والقانونية، يبقى مستقبل هذه الخطة مرتبطاً بتعاون دمشق، وبدعم المجتمع الدولي، وخاصة الجهات المانحة، التي تتابع بقلق تطورات ملف النازحين في لبنان.