مظاهرات إسرائيلية من أجل الرهائن.. مطالب شعبية وسط حرب مستمرة وضغوط دولية
مظاهرات إسرائيلية من أجل الرهائن.. مطالب شعبية وسط حرب مستمرة وضغوط دولية
شهدت إسرائيل مؤخراً موجات احتجاج شعبية واسعة طالبت بإبرام اتفاق فوري لإطلاق الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، مع تصاعد الغضب لدى عائلات المخطوفين الذين يرون أن الأولوية الحكومية للقضاء على حركة حماس تقف عائقاً أمام عودة أحبائهم، وقد شكلت المظاهرات ضغطاً داخلياً على صانعي القرار قبيل جلسات أمنية حاسمة، وفتحت نقاشاً واسعاً حول توازنات الأمن والسياسة والدبلوماسية والقانون الدولي في خضم أزمة إنسانية حادة تحيط بغزة.
مشاهد الاحتجاج والدوافع المباشرة
خرج متظاهرون في عدة مدن إسرائيلية إلى الشوارع، وقطعوا طرقاً حملوا خلالها صوراً للرهائن وأعلاماً وطنية، كما تجمّع محتجون قرب مقار دبلوماسية وإقامات مسؤولين مطالبين بتحرك حكومي فوري.
المظاهرات نظّمها، بين مجموعات أخرى، منتدى عائلات الرهائن والمفقودين الذي يواصل الضغط على الحكومة لإعطاء أولوية لاستعادة المحتجزين، وأحد أبرز الأصوات المحتجة هو روبي حين، الذي اختطف نجله في هجوم 7 أكتوبر 2023، وهو يعبر عن اتهامات لرئيس الحكومة بأن استراتيجيته العسكرية تعطي أولوية للقضاء على حماس على حساب حياة الرهائن، وفق تغطية ميدانية لحديثه خلال إحدى المظاهرات.
عدد الرهائن
هجوم 7 أكتوبر 2023 أسفر عن خطف مئات المدنيين إذ أُقِرّ حينها بأن نحو 251 شخصاً نُقلوا إلى قطاع غزة أو احتجزوا آنذاك، ومن بين هؤلاء، تبيّن لاحقاً أن عددًا كبيرًا أُفرج عنهم في صفقات سابقة أو قُتلوا، فيما لا تزال قائمة الرهائن المتبقين تثير جدلاً حيث تشير تقارير إعلامية ومنصات رسمية إلى أن نحو 50 رهينـة أو رهينة لا يزالون في غزة، وتعتقد أجهزة استخبارات إسرائيلية أن عدداً منهم قضى، في حين ترفض العائلات أي تسليم بالنتائج قبل إعادة الجثث أو العائدين أحياء.
بين فقدان الثقة وضغط الوقت
تتداخل عوامل عدة لتفسير غضب الشارع الإسرائيلي منها معاناة العائلات التي فقدت التواصل مع أحبائها، والإحساس بعدم الشفافية أو البطء في التفاوض من وجهة نظر المحتجين، بجانب تزايد الخشية من أن العمليات العسكرية الواسعة قد تضعف فرص التوصل لاتفاق تبادل آمن، خصوصاً إذا أفضت إلى تصاعد قتلى بين الرهائن أو جعلت مسارات الوسطاء معقّدة أو خطيرة، كما أن الانقسام السياسي داخل إسرائيل، وتشكيل حكومات ائتلافية تضمّ عناصر متشددة، عقد عملية اتخاذ قرار مركزي متوازن بين الضغوط الأمنية والإنسانية.
تداعيات على القرار السياسي والسياسات العسكرية
بحسب تقرير أوردته وكالة "أسوشيتدبرس" فإن المظاهرات تضع الحكومة تحت ضغط شعبي قد يحفز على المضي في مفاوضات أسرع مع وسطاء إقليميين (مثل مصر وقطر)، أو على تفعيل خطط عسكرية قد تزيد من مخاطر إضعاف فرص إنقاذ الرهائن، كما يمكن أن تؤدي إلى تبدلات تكتيكية داخل الأجهزة الأمنية لتقليل مخاطر إلحاق أذى بالمحتجزين، وتتحول جلسات مجلس الوزراء الأمني التي تُعقد في ظرف هذه التظاهرات إلى ساحة لتقاطع الأولويات: هل تُمنح الأولوية لإنقاذ الرهائن بأي ثمن، أم لاستراتيجية طويلة لهزيمة حماس على حد قول قادة الحكومة؟ والتوازن بين هذين المسارين يبقى محور الخلاف.
ردود المنظمات الحقوقية والأمم المتحدة والقانون الدولي
طالبت منظمات حقوقية دولية مثل هيومن رايتس ووتش وأمنستي بالإفراج الفوري عن الرهائن المدنيين المحتجزين، محذّرة من الانتهاكات التي يتعرضون لها ووصفت عملية الاحتجاز نفسها بأنها جريمة حرب وفق المعايير الدولية، كما أكدت هذه المنظمات أن أي مفاوضات أو إجراءات عسكرية يجب أن تراعي حماية حياة الرهائن وحرمة المدنيين.
من الناحية القانونية، يحظَر أخذ الرهائن بموجب القانون الدولي الإنساني ويُصنَّف كجريمة في الاتفاقيات الدولية (اتفاقيات جنيف، وبروتوكولاتها)، كما تؤكد مصادر قانونية متخصصة أن ما يتعلق بمعاملة الرهائن واعتبارهم مدنيين محفوظ عليهم قواعد صارمة لا يسمح أي تبرير عسكري بتجاوزها، وتعد المساءلة الجنائية لمرتكبي أخذ الرهائن مُمكنة أمام محاكم وطنية أو عبر ملاحقات أمام محكمة الجنايات الدولية في ظل توفر عناصر اختصاص واشتراطات قضائية.
في الوقت نفسه، تضاعف إدانات أوسع لانتهاكات حقوق الإنسان المرتبطة بسلوك طرفي النزاع، حيث وثقت تقارير من هيئات أممية ومنظمات دولية ارتفاع أعداد الضحايا والدمار في غزة، إضافة إلى إعلان الأمم المتحدة عن وقوع حالات مجاعة في أجزاء من القطاع، ما يزيد من ضغوط المجتمع الدولي على ضرورة التوصل إلى حلول إنسانية وسياسية عاجلة.
تأثيرات إنسانية وإقليمية أوسع
ويشير مراقبون حقوقيون إلى أن الخطر الفوري هنا مزدوج فحياة الرهائن الإسرائيليين في خطر، والسكان المدنيون في غزة يواجهون أزمة إنسانية متصاعدة مع أرقام وفيات عالية وسط نداءات عاجلة للمساعدات، كما أن الإعلان الرسمي عن ظروف مجاعة في أجزاء من غزة يزيد من تعقيد أي مفاوضات عسكرية وسياسية، فكل تأخير يعني مزيداً من الضحايا المدنيين ويضع الوسطاء أمام اختبار أخلاقي وسياسي صعب، إضافة إلى أن استمرار الاحتجاجات الإسرائيلية قد يؤثر على الخيارات الدبلوماسية الدولية، ويزيد الطلب من أطراف خارجية للضغط بغية حل الملف إنسانياً وقانونياً.
المنظمات الحقوقية تدعو وبشكل متكرر منذ اندلاع الحرب إلى ضمانات لحماية المدنيين والرهائن، ومطالبات بتوثيق وحفظ الأدلة تحسباً لأي مساءلة لاحقة.
مظاهرات الشارع الإسرائيلي تعكس ألم عائلات الرهائن وإحباط الرأي العام من مسارات إدارة الأزمة، لكن أي حلّ عملي يمرّ عبر مفاوضات محفوفة بالمخاطر، وإرادة سياسية داخلية وخارجية، واعتبارات قانونية تحمي المدنيين والرهائن على حد سواء، في هذه اللحظة، يبقى التحدي قائماً على تحقيق توازن بين رغبة شعبية مشروعة في استعادة المختطفين والحاجة الملحة لمنع مزيد من الكارثة الإنسانية في غزة.