تفاقم ظاهرة الانتحار بين الشباب في الموصل.. جراح الحرب تمتد إلى النفوس

تفاقم ظاهرة الانتحار بين الشباب في الموصل.. جراح الحرب تمتد إلى النفوس
الموصل - أرشيف

شهدت محافظة الموصل خلال الأشهر التسعة الأولى من العام الجاري ارتفاعاً مقلقاً في معدلات الانتحار، في ظل أزمات نفسية واجتماعية متراكمة تعصف بالسكان، خصوصاً بين فئة الشباب الذين لم يتعافوا بعد من تبعات الحروب والنزوح وفقدان الاستقرار.

وكشف تقرير صادر عن معهد الطب الشرعي في الموصل، اليوم الأربعاء، أن المدينة سجلت 84 حالة انتحار بين شهري يناير وسبتمبر 2025، بينهم 40 امرأة و44 رجلاً، في مؤشر مقلق يعكس حجم المعاناة التي يعيشها الأهالي في محافظة كانت يوماً ما مركزاً للدمار والمعارك الطاحنة ضد تنظيم "داعش".

وأوضح التقرير أن من بين الضحايا 18 شخصاً من المكوّن الإيزيدي، بواقع 8 نساء و10 رجال، دون تحديد ما إذا كانوا من مدينة الموصل نفسها أو من قضاء شنكال، المعروفة أيضاً بسنجار.

وبحسب إحصاءات قوى الأمن الداخلي (أسايش إيزيدخان) التي حصلت عليها وكالة "روج نيوز"، فإن 16 شخصاً -بينهم 10 رجال و6 نساء- أقدموا على الانتحار في شنكال خلال الأشهر التسعة الماضية، وكانت أعمار معظمهم تتراوح بين 17 و25 عاماً، من ضمنهم شاب يبلغ 16 عاماً فقط، ما يعكس عمق الأزمة النفسية التي تضرب جيل الشباب في مناطق النزوح.

أسباب اجتماعية ونفسية

بيّنت تقارير الأجهزة الأمنية أن أبرز دوافع الانتحار تعود إلى الضغوط الاجتماعية والمشكلات النفسية الحادة، إلى جانب الآثار السلبية لوسائل التواصل الاجتماعي التي تُفاقم شعور العزلة والاكتئاب لدى الشباب.

ويقول مختصون في الصحة النفسية إن أبناء الموصل يعانون "صدمة جماعية" متوارثة منذ الحرب ضد تنظيم "داعش"، حيث ما تزال ذكريات الدمار والاعتقالات والنزوح تخيّم على حياة كثير من العائلات، ما ولّد شعوراً بالعجز وفقدان الأمل لدى البعض.

وتشير منظمات محلية إلى نقص حاد في المراكز النفسية والاجتماعية في الموصل، إذ لا يتجاوز عدد العيادات المتخصصة بالعلاج النفسي أصابع اليد الواحدة، في حين يعتمد أغلب الأهالي على الدعم الأسري أو الديني لمواجهة الأزمات.

وحذّرت ناشطات من أن النساء يشكلن نسبة مرتفعة من حالات الانتحار بسبب العنف الأسري وضغوط المجتمع والعادات الاجتماعية الصارمة التي تقيد حرياتهن وتمنعهن من طلب المساعدة.

دعوات لتدخل حكومي 

دعت منظمات المجتمع المدني الحكومة العراقية إلى إطلاق حملة وطنية لمكافحة ظاهرة الانتحار، تشمل برامج توعية في المدارس والجامعات، ودعم مراكز الإرشاد النفسي، وتوفير خطوط مساعدة عاجلة للمتضررين.

وأكد ناشطون أن مواجهة هذه الظاهرة لا تقتصر على الجانب الطبي، بل تتطلب معالجة جذور الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعيشها أبناء الموصل، ومنها البطالة، والفقر، وغياب العدالة الاجتماعية، واستمرار التهميش الذي يشعر به السكان منذ انتهاء الحرب.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية