قمة الدوحة للتنمية الاجتماعية تبحث سبل إدماج الفئات الضعيفة في مسار التنمية
قمة الدوحة للتنمية الاجتماعية تبحث سبل إدماج الفئات الضعيفة في مسار التنمية
استعرض مسؤولون حكوميون من عدة دول أبرز التحديات التي تواجه الشباب والمسنين وذوي الإعاقة والأسرة حول العالم، مؤكدين أن المستقبل العالمي لن يكون آمناً أو عادلاً ما لم يُدمج هؤلاء في خطط التنمية المستدامة وتُتاح لهم فرص متكافئة للعيش والعمل والحماية الاجتماعية.
جاءت هذه المداخلات خلال فعاليات اليوم الثالث من أعمال مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية المنعقد في الدوحة، حيث شدد المتحدثون على أن تفاقم الحروب والأزمات الاقتصادية والبيئية يعمق الهشاشة الاجتماعية ويزيد من عجز الدول عن تحقيق العدالة والرفاه لمواطنيها، وفق وكالة الأنباء الألمانية.
تعزيز الحماية الاجتماعية
أكدت روبينا نابانجا، رئيسة وزراء أوغندا في كلمتها، أهمية تحسين معايير الحياة للجميع عبر بناء خطط تنمية نموذجية قائمة على الحماية والعدالة الاجتماعية وتطبيق سياسات وطنية قادرة على حفظ حقوق العاملين وتمكين النساء والشباب وإدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في سوق العمل، وأشارت إلى أن أوغندا تبذل جهودا واسعة لتعزيز الابتكار والتنمية، إلا أن استمرار النزاعات في العالم يشكل عائقا رئيسيا أمام النمو الاقتصادي ويزيد من تعقيدات العمل الاجتماعي.
ومن جانبها، قالت وزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل في سوريا هند قبوات إن تعافي بلادها يتطلب تجاوز خسائر هائلة راكمتها الحرب على مدى سنوات، وأوضحت أن الإدارة السورية الجديدة تسلمت مؤسسات عامة مثقلة بالدمار وتراجع الخدمات، ما جعل الشروع في التنمية الاجتماعية مهمة معقدة تستلزم تبني منهجيات شمولية تستند إلى حقوق الأفراد والمساواة في الفرص. واستعرضت الوزيرة الجهود الحكومية لتعزيز إدماج ذوي الإعاقة، وتمكين الشباب، ودعم المرأة، إلى جانب إعادة تأهيل البنى الاجتماعية الأساسية.
تحدث كيرك همفري وزير تمكين الشعب وشؤون كبار السن في بربادوس عن ضرورة جعل الحماية الاجتماعية جزءا أساسيا من السياسات العامة، مؤكداً أهمية توفير العمل اللائق للشباب وحماية حقوقهم العمالية وضمان إدماج الأشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، واعتبر أن بناء شراكة مجتمعية فاعلة هو الطريق العملي الوحيد لمعالجة التحديات التي تواجه الفئات الهشة.
سياسات للحد من الفقر
وفي مداخلة لوزير الشباب والاندماج المهني والخدمة المدنية في كوت ديفوار مامادو توري، أكد أن موضوع القمة يعكس الحاجة العاجلة للتحرك من أجل الحد من الفقر ودعم العدالة الاجتماعية، وقال إن بلاده، منذ قمة كوبنهاغن عام 1995، وضعت مكافحة الفقر في صلب سياساتها العامة وحققت تقدما في بناء برامج تهدف إلى تمكين الفئات الأضعف وتحسين فرص التعليم والعمل والرعاية الصحية.
وشدد مسؤولون آخرون خلال الجلسة على ضرورة تعزيز البنية التحتية الاجتماعية والصحية والتعليمية، وتقديم الرعاية الصحية، وتحقيق العدالة الاجتماعية للشباب، وتمكين المرأة، وحماية الفئات المتضررة من آثار الحروب والنزاعات، واعتبروا أن القمة توفر منصة تجمع أصحاب الخبرة لتبادل الرؤى وبناء سياسات أكثر عدالة وشمولية.
كما أكدوا التزامهم ببنود إعلاني الدوحة السياسي وكوبنهاغن، سعيا لتعزيز الحماية الاجتماعية، واستئصال الفقر، وتحسين الإنتاجية، وتوفير العمل اللائق.
الحروب تعمق الفقر والبطالة
استعرض عدد من المسؤولين من دول شهدت نزاعات مسلحة الإجراءات التي اتخذتها حكوماتهم لمواجهة آثار الحرب التي أدت إلى تفشي الفقر وارتفاع البطالة وانهيار الخدمات الأساسية، وأكد هؤلاء أن إعادة بناء المجتمعات المتضررة لا تقتصر على إعادة الإعمار المادي، بل تتطلب أيضاً الاستثمار في الإنسان وتوفير برامج دعم نفسي واجتماعي وتعليمي للفئات الأكثر هشاشة.
يأتي انعقاد مؤتمر القمة العالمي الثاني للتنمية الاجتماعية في قطر بعد مرور ثلاثة عقود على القمة العالمية للتنمية الاجتماعية في كوبنهاغن التي أرست مبادئ رئيسية في مجالات العدالة الاجتماعية ومكافحة الفقر والحماية الاجتماعية، ويشارك في القمة الحالية ممثلون عن عشرات الحكومات والمنظمات الدولية، بهدف تقييم أوجه التقدم والانتكاس في الملفات الاجتماعية الأكثر حساسية، ولا سيما تلك المتعلقة بالشباب والنساء والمسنين وذوي الإعاقة.
وتواجه الدول اليوم تحديات مضاعفة بفعل الحروب المتصاعدة، والأزمات الاقتصادية المتلاحقة، وتغير المناخ، وازدياد معدلات البطالة والهجرة، الأمر الذي يجعل النقاش حول العدالة الاجتماعية أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، وتعمل القمة على صياغة رؤية مشتركة تعيد الاعتبار لمبدأ التنمية الشاملة التي تضع الإنسان في قلب السياسات الاقتصادية والاجتماعية، في وقت تتصاعد فيه الحاجة العالمية إلى شبكات حماية اجتماعية قادرة على حماية الفئات الأكثر هشاشة من الانزلاق نحو مزيد من الحرمان والاضطراب.










