مجلس حقوق الإنسان يدعو لتشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق في السودان
مجلس حقوق الإنسان يدعو لتشكيل بعثة دولية لتقصي الحقائق في السودان
عقد مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة جلسة خاصة، اليوم الجمعة، لمناقشة الوضع في الفاشر، حيث طرحت الدول الأعضاء مشروع قرار لإرسال بعثة تقصي حقائق لتحديد هوية مرتكبي الانتهاكات، بحسب ما ذكرت وكالة "فرانس برس".
ويشهد السودان، منذ اندلاع الصراع بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، أزمة إنسانية حادة، تتفاقم يومًا بعد يوم في مدينة الفاشر ومناطق أخرى في دارفور، وأسفر النزاع عن مقتل عشرات الآلاف من الأشخاص ونزوح نحو 12 مليون شخص، وفق تقديرات الأمم المتحدة.
ودعا المفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك -خلال كلمته- المجتمع الدولي إلى التحرك الفوري، محذراً من "التصنع والتظاهر" وضرورة الوقوف في وجه "الفظائع التي تمثل استعراضًا للقسوة لإخضاع الشعب بأكمله".
كما دعا إلى اتخاذ إجراءات ضد الأفراد والشركات التي "تؤجج الحرب في السودان وتتربح منها"، مشيراً إلى تصاعد العنف في منطقة كردفان، حيث تعرض السكان للقصف والحصار وإجبارهم على مغادرة منازلهم.
وأعربت بريطانيا والاتحاد الأوروبي والنرويج وغانا عن دعمها للقرار، مؤكدةً ضرورة محاسبة المسؤولين عن الانتهاكات وعدم التهاون مع الإفلات من العقاب.
تصاعد العنف وسقوط المدينة
شهدت مدينة الفاشر، عاصمة ولاية شمال دارفور، تصاعدًا للعنف خلال الأسابيع الأخيرة، بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المدينة في 26 أكتوبر 2025، بعد حصار دام نحو 18 شهرًا.
وأكد فولكر تورك أن الحصار أدى إلى معاناة شديدة للسكان، حيث اضطر بعضهم إلى أكل علف الحيوانات وقشور الفول السوداني للبقاء على قيد الحياة.
كما حذر تورك من أن استمرار المعارك قد يؤدي إلى موجة من الانتهاكات الجماعية، بما في ذلك عمليات قتل واغتصاب واستخدام المدنيين كوسيلة للضغط والسيطرة.
وأوضح أن مكتب المفوضية يجمع أدلة يمكن استخدامها لاحقًا في إجراءات قانونية، مؤكداً متابعة المحكمة الجنائية الدولية للوضع.
ووثقت منظمات حقوقية محلية ودولية العديد من الانتهاكات، أبرزها: القتل العمد للمدنيين والاغتصاب كوسيلة حرب، والاعتداءات على الممتلكات ومصادرة الأغذية والمساعدات الإنسانية، والاعتقالات التعسفية والتعذيب داخل مراكز الاحتجاز، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
ومن جانبها، نفت قوات الدعم السريع استهداف المدنيين أو عرقلة المساعدات، مؤكدةً أن "جهات مارقة" هي المسؤولة عن هذه الانتهاكات.
الأزمة الإنسانية ونزوح المدنيين
أدى النزاع إلى نزوح نحو 12 مليون شخص، وفق تقديرات الأمم المتحدة، وتفشي المجاعة ونقص الغذاء والمياه الصالحة والصحة العامة، مع صعوبة وصول المساعدات الإنسانية إلى المحتاجين.
وشدد تورك على ضرورة ضمان وصول هذه المساعدات دون قيود، وحماية المدنيين من التعرض للعنف أو الحرمان من الاحتياجات الأساسية.
كما أكدت المنظمات الإنسانية أن بعض المناطق ما زالت مغلقة، وأن المدنيين يتعرضون لخطر مباشر من العنف المسلح، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
الفاشر.. نموذج مأساوي للأزمة
تظل مدينة الفاشر نموذجًا مأساويًا لأزمة أوسع في السودان، حيث تتشابك الانتهاكات الإنسانية مع الصراع العسكري والسياسي.
وتؤكد الأمم المتحدة أن الحلول لا تقتصر على الجهود العسكرية، بل تتطلب تدخلات عاجلة لتلبية الاحتياجات الإنسانية، وتعزيز حماية المدنيين، وضمان المساءلة القانونية لجميع الأطراف، لمنع تكرار هذه الانتهاكات.
ويبرز دور المجتمع الدولي كعنصر رئيس في مراقبة الوضع، وضمان تطبيق القانون الدولي الإنساني وقوانين حقوق الإنسان، ورفع الظلم عن السكان الذين يواجهون العنف المستمر والمجاعة في ظل صراع معقد ومتعدد الأطراف.











