مسروقون من طفولتهم.. «اليونيسف» تحذّر من كارثة إنسانية تواجه أطفال هايتي
مسروقون من طفولتهم.. «اليونيسف» تحذّر من كارثة إنسانية تواجه أطفال هايتي
عانى أطفال هايتي على مدار السنوات الماضية من أزمات متتالية، تفاقمت حدتها بسبب العنف المسلح، والنزوح القسري، والتجنيد القسري للأطفال داخل الجماعات المسلحة، وبينما كانت الطفولة تمثل حقًا أصيلًا لكل إنسان، باتت بالنسبة لكثير من الأطفال الهايتيين حلمًا مسلوبًا بفعل الأوضاع الإنسانية المتدهورة.
وفي ظل تصاعد أعمال العنف، دقت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) ناقوس الخطر، محذرة من كارثة إنسانية تهدد حياة ومستقبل أجيال بأكملها، وفقا لموقع أخبار الأمم المتحدة.
وشهدت العاصمة الهايتية بورت أو برنس تصعيدًا خطيرًا في الاشتباكات العنيفة بين قوات الأمن والجماعات المسلحة، مما أدى إلى موجة جديدة من النزوح الجماعي.
وأعلن مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة (OCHA) أن القتال العنيف الذي اندلع خلال الأسبوع الأخير تسبب في فرار أكثر من 1600 شخص، بينهم رجال ونساء وأطفال، بحثًا عن ملاذ آمن بعيدًا عن مناطق القتال.
وأشار المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إلى أن النازحين وجدوا أنفسهم أمام واقع مرير، حيث اضطر ثلثاهم إلى اللجوء إلى أسر مضيفة، بينما أُجبر أكثر من 500 شخص على الإقامة في ثلاثة مواقع نزوح مؤقتة أُنشئت حديثًا لمواجهة تزايد أعداد الفارين.
الأطفال في قلب الأزمة
واجه الأطفال في هايتي وضعًا مأساويًا بشكل خاص، إذ ارتفع عدد الأطفال النازحين داخليًا بنسبة 50% منذ سبتمبر الماضي، ليصل إلى أكثر من نصف مليون طفل.
وأوضحت اليونيسف أن واحدًا من بين كل 8 أطفال في البلاد أصبح الآن نازحًا، يعيش في ظروف قاسية تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الكريمة، ولم يقتصر التهديد على النزوح فقط، بل حذرت المنظمة الأممية من ارتفاع معدلات تجنيد الأطفال في الجماعات المسلحة، حيث زادت بنسبة 70% خلال العام الماضي وحده.
وتشير التقديرات إلى أن الأطفال يشكلون الآن ما يقرب من نصف عدد أفراد العصابات المسلحة في هايتي، مما يعرضهم لمستقبل غامض محفوف بالمخاطر، ويفقدهم أبسط حقوقهم في الحماية والتعليم والنمو في بيئة آمنة.
"الطفولة ليست هدية.. إنها حق"
وصف المتحدث باسم اليونيسف، جيمس إلدر، خلال زيارة أجراها إلى أحد السجون في بورت أو برنس، الوضع المروع الذي يعيشه الأطفال المحتجزون، والذين سُلبت منهم طفولتهم بفعل الفقر والعنف والتجنيد القسري.
وقال إلدر: "أنا الآن في أحد سجون بورت أو برنس، حيث يُحتجز عشرات الأطفال، في مشهد يعكس حجم المأساة التي يعيشونها يوميًا".
وأوضح أن حوالي 85% من العاصمة الهايتية تخضع لسيطرة الجماعات المسلحة، مما يجعل تجنيد الأطفال أمرًا شائعًا وممنهجًا.
مأساة تجنيد الأطفال
وأضاف: "يتم تجنيد الأطفال ليس فقط بسبب الفقر المدقع، ولكن أيضًا بسبب التلاعب الذي تمارسه العصابات المسلحة عليهم، مستغلين حالة اليأس التي يعاني منها هؤلاء الصغار".
وأشار إلى فتاة تبلغ من العمر 16 عامًا كانت تحلم بأن تصبح طبيبة أطفال، إلا أن مصيرها تغير تمامًا بعد أن وقعت في قبضة إحدى الجماعات المسلحة.
واختتم حديثه، قائلاً: "الطفولة ليست هدية تُمنح للبعض وتُحرم منها آخرون. إنها حق يجب أن يتمتع به كل طفل في العالم".
تزايد الكوارث الإنسانية
فاقمت الأوضاع الإنسانية المتردية في هايتي من معاناة السكان، خاصة مع موجات العودة القسرية للاجئين من الدول المجاورة.
وأفادت تقارير الأمم المتحدة بأنه خلال الأسبوعين الأولين من شهر يناير وحده، أُعيد نحو 15 ألف هايتي من جمهورية الدومينيكان، مما رفع العدد الإجمالي للمُرحّلين خلال العام الماضي إلى 200 ألف شخص، في ظل ظروف معيشية شديدة الصعوبة.
وأدت الكوارث الطبيعية إلى تفاقم الأوضاع في مختلف أنحاء البلاد، حيث تسببت الفيضانات التي اجتاحت 6 مقاطعات منذ شهر نوفمبر الماضي في تضرر ما يقرب من 330 ألف شخص، وأسفرت عن مقتل العشرات وتدمير أو إلحاق أضرار بنحو 50 ألف منزل، ما زاد من أعباء السكان الذين يكافحون للبقاء على قيد الحياة.
دعوات عاجلة لإنقاذ هايتي
أطلقت الأمم المتحدة نداءً إنسانيًا عاجلًا لجمع 908 ملايين دولار بهدف تقديم المساعدات الضرورية لحوالي 3.9 مليون شخص في هايتي خلال هذا العام.
وحث المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، المجتمع الدولي على تكثيف جهوده لدعم الشعب الهايتي في مواجهة هذه الكارثة الإنسانية، مؤكدًا أن حجم المعاناة يتطلب استجابة فورية وواسعة النطاق.
وشددت اليونيسف والمنظمات الإنسانية الأخرى على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة لحماية الأطفال الأكثر ضعفًا في هايتي، ومنع وقوعهم ضحايا للعنف والتجنيد القسري والحرمان.