اليوم الدولي للضمير 2025.. دعوة أممية لإحياء قيم السلام والمسؤولية الأخلاقية
اليوم الدولي للضمير 2025.. دعوة أممية لإحياء قيم السلام والمسؤولية الأخلاقية
أقرت الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثالثة والسبعين، بموجب القرار رقم A/RES/73/329 الصادر بتاريخ 25 يوليو 2019، تخصيص يوم الخامس من أبريل من كل عام للاحتفاء باليوم الدولي للضمير، باعتباره مناسبة دولية لتعزيز ثقافة السلام والاحترام المتبادل داخل المجتمعات وبين الأمم.
جاء هذا الإعلان تتويجًا لمسار أممي طويل بدأ منذ إعلان اليونسكو عام 1989 عن الحاجة إلى ترسيخ السلام في عقول البشر، وامتد لاحقًا ليأخذ شكله المؤسسي من خلال إعلان "ثقافة السلام" الصادر عام 1999.
ثقافة السلام ومواجهة التحديات
سعت الأمم المتحدة، من خلال تخصيص هذا اليوم، إلى التشديد على أهمية الضمير الفردي والجماعي في بناء مستقبل يسوده التفاهم والتسامح والعدالة الاجتماعية، ووجّهت المنظمة الدولية دعوة مفتوحة إلى الحكومات والمؤسسات التعليمية والدينية والثقافية، إضافة إلى الأفراد، للمشاركة في إحياء هذه المناسبة عبر تنظيم فعاليات تُعزز القيم الإنسانية وتحفّز على مراجعة الذات.
أبرزت الأمم المتحدة أن الضمير الإنساني يمثل نقطة انطلاق لمواجهة أزمات العالم المعاصر، سواء ما تعلق منها بالنزاعات المسلحة، أو الفقر المتزايد، أو الظلم المناخي، أو غياب المساواة في الفرص والحقوق.
وأوضحت أن إحياء هذا اليوم لا يقتصر على الجانب الرمزي، بل يشكّل مناسبة لإعادة التذكير بضرورة إدماج الاعتبارات الأخلاقية في السياسات العامة، وفي المناهج التعليمية، وفي التغطيات الإعلامية، وحتى في علاقات العمل والاقتصاد.
أولوية التعليم الأخلاقي
ركّزت المنظمة الدولية بشكل خاص على دور التعليم في ترسيخ الضمير لدى الأجيال الجديدة، وحثّت الحكومات على مراجعة محتويات المناهج التعليمية لتشمل التربية على التسامح، واحترام الآخر، والوعي بالمسؤولية الفردية تجاه المجتمع والعالم، وأكّدت في هذا السياق أن الأزمات الحديثة لا تُحل فقط بالأدوات التقنية والقانونية، بل تتطلب بناء أجيال تتحلى بضمير حي وقيم أخلاقية متجذرة.
استعرضت الأمم المتحدة جملة من المحاور التي تُسهم في تفعيل الضمير على المستويين الفردي والجماعي، من بينها: تعزيز الحوار الثقافي والديني بين المجتمعات لتجاوز الصور النمطية، تطوير سياسات تضمن العدالة الاجتماعية والاقتصادية، تحفيز المبادرات المدنية التي تقوم على التكافل والتطوع، اعتماد الشفافية والنزاهة في الإدارة العامة، بناء شراكات بين المؤسسات الدولية والمجتمع المدني من أجل دعم ثقافة الضمير.
شمولية المسؤولية
نبّهت الأمم المتحدة إلى أن الضمير لا يمكن أن يظل شأنًا فرديًا منعزلًا عن الفعل العام، بل ينبغي أن يتحول إلى أساس تُبنى عليه السياسات، وأن يتجسد في المواقف الرسمية، وفي أسلوب معالجة قضايا الهجرة، والتغير المناخي، وحماية الفئات المهمشة، ودعت في هذا السياق إلى تجديد الالتزام العالمي بحقوق الإنسان بوصفها الإطار الأخلاقي الأسمى.
ربط الضمير بالسلام العادل والدائم
أوضحت الوثائق الأممية المرتبطة بهذه المناسبة أن السلام الحقيقي لا يمكن أن يُبنى فقط على غياب الحرب، بل يجب أن يُؤسس على احترام متبادل، وعدالة شاملة، وضمان الحقوق الأساسية للجميع دون تمييز.
وشدّدت على أن الضمير الحي هو الذي يحرّك المجتمعات نحو الإصلاح، ويدفع بالأنظمة السياسية إلى معالجة جذور التهميش والتمييز، بدلًا من الاكتفاء بردود الفعل المؤقتة.
قيم الرحمة والتسامح
ذكّرت الأمم المتحدة بأن مفاهيم مثل الرحمة، والتسامح، والاحترام، ليست مصطلحات دينية أو مثالية فقط، بل هي ضرورات عملية لبقاء المجتمعات، خاصة في ظل تزايد الانقسامات والتوترات العرقية والثقافية والبيئية حول العالم، وأكدت أن الضمير ليس رفاهية فكرية، بل هو مورد إنساني أصيل يجب تفعيله في السياسات العامة والبرامج التنموية.
واقترحت المنظمة الدولية على الدول الأعضاء والمجتمعات المحلية مجموعة من المبادرات الممكنة للاحتفاء باليوم الدولي للضمير، من بينها: تنظيم ندوات وورش عمل حول أخلاقيات العمل والسياسة والإعلام، إدراج مواضيع الضمير والعدالة في البرامج التعليمية، إطلاق حملات توعية عبر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي، شجيع حركات التطوع والمبادرات الخيرية، فتح المجال أمام الحوار بين الثقافات والأديان.
الضمير والتنمية المستدامة
أشارت التقارير الأممية إلى أن أهداف خطة التنمية المستدامة لعام 2030 لا يمكن تحقيقها دون اعتماد رؤية تقوم على الضمير والمسؤولية الجماعية، وأكّدت أن الضمير هو الذي يفرض على الدول التعامل العادل مع أزمة المناخ، وإنصاف الشعوب التي تعاني من آثار الاستعمار البيئي والتوزيع غير المتوازن للثروات.
نداء الأمم المتحدة
وجهت الأمم المتحدة نداءً مفتوحًا إلى البشرية جمعاء، دعت فيه إلى "صحوة ضمير جماعية"، تتجاوز الخلافات الأيديولوجية والجغرافية، وتؤسّس لرؤية إنسانية مشتركة.
شدّدت على أن الضمير ليس شعارًا نظريًا، بل هو فعل يومي مسؤول، يتجلى في كيفية تعامل الإنسان مع محيطه، ومع البيئة، ومع الآخرين، ومع ذاته.