خبير أممي: 50 ألف مفقود في السودان
في الذكرى الثانية للحرب
سلّط رضوان نويصر، خبير الأمم المتحدة المعني بالسودان الضوء على تصاعد المخاوف من مصير آلاف الأشخاص الذين اختفوا في خضم النزاع، وسط صمت يلفّ الحقيقة وآلام لا تهدأ في قلوب ذويهم وذلك بمناسبة الذكرى السنوية الثانية للحرب المدمرة في السودان.
وخلال مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، نُشرت الأربعاء أوضح نويصر، المعيّن من قبل مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، أن الإحصاءات الدقيقة حول أعداد المفقودين في السودان لا تزال غير متوفرة، نتيجة تضارب البيانات بين الجهات المختلفة.
وأشار إلى أن المجموعة السودانية للدفاع عن الحقوق والحريات تقدّر العدد بنحو خمسين ألف مفقود، في حين وثّقت منظمات حقوقية محلية ما لا يقل عن 3,177 حالة، بينهم أكثر من 500 امرأة و300 طفل.
انتهاكات ممنهجة تحت غطاء الحرب
أكد نويصر أن ظاهرة الاختفاء القسري ليست الحالة الوحيدة التي خلفتها الحرب "غير المفهومة وغير الضرورية" منذ اندلاعها في أبريل 2023، فقد امتدت الانتهاكات لتشمل تدمير أحياء سكنية، وعمليات اغتصاب جنسي، وطرد المدنيين، وتجنيد قسري للأطفال والشباب، ما يعكس صورة قاتمة لوضع حقوق الإنسان في البلاد.
لا اهتمام بحقوق الإنسان
عبّر الخبير الأممي عن أسفه لعدم استجابة أطراف النزاع لدعوات الأمم المتحدة والمنظمات الحقوقية الدولية، قائلاً: "مع الأسف، حسب التجربة، الأطراف المعنية لا تعطي أهمية كبيرة للمسائل المتعلقة بحقوق الإنسان".
وأوضح أن تحذيرات الأمين العام للأمم المتحدة، واللجنة الدولية للصليب الأحمر، ومختلف وكالات الأمم المتحدة، لم تنجح في وقف الانتهاكات أو تأمين حماية حقيقية للمدنيين.
تحديات توثيق المآسي
كشف نويصر عن أن عملية توثيق حالات الاختفاء تواجه صعوبات كبيرة، أبرزها انعدام وسائل الاتصال، وتدهور الأوضاع الأمنية في مناطق النزاع، وتردد العائلات في الإبلاغ، إضافة إلى ضعف أداء أجهزة العدالة والقضاء.
ولفت إلى أن معظم الحالات المسجلة تتركز في مناطق الخرطوم وسنار والفاشر والنيل الأبيض وولايات دارفور، وهي مناطق شهدت أعنف موجات القتال والنزوح.
جهود الدعم لا تكفي
أشار نويصر إلى أن بعض المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، تحاول توفير الدعم النفسي والاجتماعي لأسر المفقودين، إلى جانب تشجيعهم على تقديم الشكاوى وتوفير المساعدة القانونية لهم، لكنه شدد على أن جهود البحث والعدالة لا تزال محدودة، في ظل بيئة لا تعترف بحقوق الإنسان كأولوية.
المدنيون يدفعون الثمن
في ختام حديثه، وجّه نويصر رسالة مؤثرة إلى أطراف النزاع، قائلاً: "المدنيون السودانيون هم من دفعوا ثمن هذه الحرب التي لا معنى ولا مبرر لها"، وأكد أن آلاف العائلات اضطرت للتشرد والنزوح بحثاً عن الأمان، بينما لا يزال مصير أحبائهم مجهولاً في ظلال الصراع.
اندلعت الحرب في السودان في أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ما تسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق، شملت نزوح ملايين الأشخاص وتفاقم انتهاكات حقوق الإنسان، وتشير تقارير دولية إلى تزايد حالات الاختفاء القسري والاعتقال خارج القانون، في ظل انهيار مؤسسات الدولة وتجاهل الأطراف المتنازعة للنداءات الدولية بوقف إطلاق النار وحماية المدنيين.