في يومهم الدولي.. ذوو المهق ضحايا الوصم والعنف والتمييز
يحتفل به 13 يونيو من كل عام
في الذكرى العاشرة لتخصيصه من قبل الأمم المتحدة، يحلّ اليوم الدولي للتوعية بالمهق هذا العام تحت شعار يحمل نبرة استغاثة وحق.. «مطالبة بحقوقنا.. حماية بشرتنا، والحفاظ على حياتنا».
يعبّر الشعار عن واقع مرير يعيشه ملايين المصابين بالمهق حول العالم، حيث تتحول البشرة الفاتحة من سمة بيولوجية إلى تهمة، تضع أصحابها في مواجهة العنف والتمييز والحرمان من أبسط الحقوق الصحية.
يُعتبر المهق حالة وراثية نادرة تؤدي إلى غياب جزئي أو كامل لصبغة الميلانين في الجلد والشعر والعينين، لكن في العديد من البلدان، لا يُنظر إلى المصابين بهذه الحالة على أنهم مجرد أشخاص يعانون من حساسية ضوئية أو ضعف في البصر، بل يتحولون إلى أهداف للعنف، والقتل أحياناً.
في مناطق عديدة من إفريقيا جنوب الصحراء، ما زال يُنظر إلى أصحاب المهق على أنهم "كائنات خارقة" أو "لعنات"، ما أدى إلى مقتل العشرات منهم، لا سيما في تنزانيا ومالاوي، حيث تُستخدم أعضاء أجسادهم في ممارسات سحرية وطقوس شعبية.
لكن التهديد الأكبر، كما يشير تقرير الأمم المتحدة هذا العام، لا يأتي فقط من الخرافات، بل من غياب الرعاية الصحية الوقائية، فمعظم المصابين بالمهق في الدول ذات الدخل المنخفض يواجهون خطر الإصابة بسرطان الجلد، وهو ما يودي بحياة العديد منهم قبل سن الأربعين.
تقرير أممي
تزامنًا مع فعاليات هذا اليوم، أصدرت الخبيرة المستقلة المعنية بحقوق الأشخاص المصابين بالمهق، مولوكا آن ميتي دروموند، تقريرًا خاصًا حمل ملامح عقدٍ من النضال.
وصف التقرير وفاة المصابين بالمهق نتيجة لسرطان الجلد بأنها "انتهاك فادح لحق الحياة والصحة"، داعيًا الحكومات إلى إدراج مستحضرات الوقاية من الشمس، وعلى رأسها الكريمات الواقية، ضمن قوائم الأدوية الأساسية، وتوفيرها مجانًا أو بأسعار مدعومة.
وأكد التقرير أن الحماية من الشمس لا تُعد ترفًا، بل ضرورة طبية، وأوصى أيضًا بإجراء فحوصات دورية للكشف المبكر عن سرطان الجلد لدى هذه الفئة، وتدريب الأطباء في المناطق الريفية والمحرومة على طرق الوقاية والكشف.
منذ أن اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 13 يونيو ليكون يومًا عالميًا للتوعية بالمهق في عام 2015، أُحرز تقدم ملحوظ في الاعتراف بهذه القضية على المستوى الدولي.
وقد سبقت هذا الاعتراف حوادث مروعة وثقتها منظمات حقوقية في إفريقيا، دفعت نشطاء وأطباء وحقوقيين إلى الضغط نحو تحرك أممي جاد، تُوِّج لاحقًا بإنشاء ولاية الخبير المستقل في مجلس حقوق الإنسان، والتي تحولت إلى منبر لرصد الانتهاكات وإصدار التوصيات.
ومع ذلك، لا تزال التحديات ماثلة. إذ تشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن المهق يصيب ما يقرب من واحد من كل 17 ألف شخص في أمريكا الشمالية وأوروبا، لكن النسبة تقفز في دول إفريقية مثل تنزانيا إلى نحو 1 من كل 1400، بل تصل في بعض المجتمعات إلى 1 من كل 1000 شخص.
وتواجه هذه الفئة، إضافة إلى المخاطر الصحية، مستويات عالية من الإقصاء الاجتماعي والتنمر، وحرمانًا واسعًا من التعليم والعمل.
نحن بشر.. لا خرافات
في بيان مشترك صدر عن عدد من منظمات المجتمع المدني المعنية بحقوق الأشخاص ذوي المهق، بينها "منظمة تحت شمس واحدة" (Under the Same Sun) و"التحالف العالمي للمهق"، شدد النشطاء على أن "كسر الصمت لا يكفي، بل يجب تفكيك بنية التمييز والخرافات التي تحيط بالمصابين بالمهق منذ ولادتهم وحتى وفاتهم".
وطالب البيان بأن تتبنى الحكومات سياسات وقائية، تشمل برامج تثقيفية في المدارس، وتدريب رجال الأمن، وتشريعات صارمة ضد الجرائم ذات الطابع الطقسي أو العنصري.
واليوم، وبعد مرور عقدٍ على الاعتراف الأممي بهذه القضية، يُطرح السؤال: هل يكفي يوم دولي لتغيير واقع اجتماعي وصحي قائم منذ قرون؟ يرى نشطاء أن مجرد الاعتراف لا يكفي، وأن المطلوب هو دمج هذه الفئة بشكل كامل في خطط التنمية والرعاية، وحمايتها من التمييز والتهديدات.
ويبقى شعار هذا العام –«حماية بشرتنا، والحفاظ على حياتنا»– أكثر من مجرد عنوان لحملة توعوية، إنه نداء يوجّه إلى العالم بأسره كي نضمن ألّا يُحكم على أحد بالموت فقط لأنه وُلد بلون مختلف.