وسط تحذيرات وقلق.. تقرير بريطاني يكشف اختفاء آلاف الأطفال من الرعاية المحلية
وسط تحذيرات وقلق.. تقرير بريطاني يكشف اختفاء آلاف الأطفال من الرعاية المحلية
كشف تقرير جديد عن أزمة متفاقمة في منظومة حماية الأطفال في المملكة المتحدة، بعد تسجيل اختفاء أكثر من 2000 طفل من رعاية السلطات المحلية خلال العام الماضي، بينهم أطفال وقعوا ضحايا للاتجار وآخرون وصلوا إلى البلاد بمفردهم بحثاً عن الأمان وطلباً للجوء.
التقرير، الصادر بعنوان "Until Harm Ends" عن مؤسستي ECPAT UK وMissing People، اعتمد على بيانات جمعتها صحيفة الغارديان من خلال طلبات حرية المعلومات، ليكشف حجم الفجوة بين الالتزامات القانونية المفترضة لحماية الأطفال وبين الواقع الذي تواجهه المؤسسات المعنية.
ووفق البيانات التي استند إليها التقرير، حددت 135 سلطة محلية وجود 2,335 طفلاً إمّا ثبت أنهم تعرضوا للاتجار أو يُشتبه في ذلك. ومن بين هؤلاء، اختفى 864 طفلاً، أي ما نسبته 37%، وهي نسبة مرتفعة للغاية بالنظر إلى المخاطر المرتبطة بهذه الفئة.
وفي سياق موازٍ، أشارت بيانات 141 سلطة محلية إلى أنها كانت ترعى 11,999 طفلاً من طالبي اللجوء غير المصحوبين بذويهم، اختفى منهم 1,501 طفلاً، ما يشكّل 13% من إجمالي هذه الفئة.
ويحذّر التقرير من أن هذه المجموعات تُعد في "خطر مرتفع جداً" للغياب عن الرعاية، موضحاً أن الأطفال الذين يتم الاتجار بهم قد يكونون بريطانيين أو مهاجرين، وأنهم غالباً ما يتعرضون لاستغلال جنسي أو إجرامي منظم، ومنه شبكات County Lines التي تستغل الأطفال في نقل المخدرات عبر المدن.
غياب البيانات المركزية
رغم أن السلطات المحلية ملزمة قانونياً بتوفير الحماية والرعاية للأطفال، يوضح التقرير أن الحكومة لا تملك قاعدة بيانات وطنية مركزية لمراقبة أو متابعة هذه الحالات، وهو ما يترك آلاف الأطفال في فراغ إداري يجعل تتبعهم أو إنقاذهم أكثر صعوبة.
كما يشير التقرير إلى أنّ عدم استقرار الوضع القانوني للهجرة بالنسبة للأطفال غير المصحوبين يزيد من احتمالات تعرضهم لإعادة الاتجار أو الاستغلال، إذ قد تدفعهم حالة الغموض القانوني إلى الهروب خوفاً من الترحيل أو الاحتجاز.
ودعت مؤسستا ECPAT UK وMissing People السلطات المحلية والشرطة إلى تحسين إجراءات الحماية، خصوصاً ما يتعلق بجمع البيانات وتبادلها، إضافة إلى ضمان توفير سكن آمن يمنع الأطفال من الوقوع مجدداً في شباك الاستغلال.
وبموجب قواعد أقرت عام 2021، تُلزم السلطات بإيواء الأطفال دون سن 16 عاماً في مرافق توفر رعاية كاملة.
غير أن الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاماً لا يزال يُسمح بإيوائهم في «إقامات مدعومة» لا تقدم رعاية يومية، وقد وُضع بعضهم في ظروف استثنائية داخل خيام أو كرفانات أو قوارب أو منازل مشتركة تفتقر إلى المعايير الأساسية للحماية.
شهادات تقلق الخبراء
من جانبها، قالت باتريشيا دار، الرئيسة التنفيذية لـECPAT UK، إن التقرير “يكشف حجم الخطر الذي يواجهه الأطفال المتاجر بهم وغير المصحوبين”، مؤكدة أن الأنظمة القائمة “تخذلهم باستمرار”، وأن بعض السياسات والخطابات السياسية “تسهم في تفاقم المشكلة” عبر شيطنة المهاجرين وتقليل التعاطف معهم.
أما جين هنتر، رئيسة الأبحاث في Missing People، فأكدت أن “كل طفل يستحق الأمان، لكن هؤلاء الأطفال يُتركون بلا حماية كافية”، مشيرة إلى ضرورة بناء نظام يشمل مراقبة فعّالة واستجابة سريعة لأي حالة اختفاء.
وفي المقابل، قال متحدث باسم الحكومة البريطانية إن نظام رعاية الأطفال “ورث مشاكل عميقة ومتراكمة منذ سنوات”، مشيراً إلى أن مشروع قانون رعاية الأطفال والمدارس يمثل “أكبر إصلاح منذ جيل”.
ويشمل المشروع -وفق المتحدث- تحسين أماكن الرعاية، وتطوير آليات تبادل المعلومات بين الوكالات، وإنشاء فرق حماية متعددة الاختصاصات، إضافة إلى إلزام المؤسسات التعليمية بالمشاركة في ترتيبات حماية الطفل لتعزيز التنسيق وتقليل حالات التسرب والاختفاء.
أزمة تكشف هشاشة المنظومة
تكشف هذه الأرقام، وفق خبراء، عن أزمة بنيوية في منظومة رعاية الأطفال، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بالأطفال غير المصحوبين والناجين من الاتجار، فغياب المتابعة الدقيقة، وتفاوت جودة الرعاية بين السلطات المحلية، واستمرار السياسات المتشددة في قضايا الهجرة، كلها عوامل تجعل هذه الفئات في دائرة الخطر الدائم.
وتبقى الرسالة الأوضح من التقرير.. أن هناك آلاف الأطفال في المملكة المتحدة مهددون بالاختفاء والاستغلال، وما لم تُغلق الثغرات الإدارية والقانونية سريعاً، فإن أعداد المفقودين مرشحة للارتفاع.











