«نيويورك تايمز»: الترحيلات تضع مهاجري السلفادور في قبضة نظام مُتهم بانتهاك الحقوق
«نيويورك تايمز»: الترحيلات تضع مهاجري السلفادور في قبضة نظام مُتهم بانتهاك الحقوق
أعلن وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو، الأحد، أن السلطات الأمريكية قامت بترحيل 10 أشخاص من الولايات المتحدة إلى السلفادور، مساء السبت، على متن طائرة عسكرية، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز".
ذكر روبيو أن المرحّلين ينتمون إلى عصابتين، إحداهما تُعرف باسم "إم إس-13" وتعمل في أمريكا الوسطى، والأخرى تُدعى "ترين دي أراغوا" وتنتشر في فنزويلا.
وأوضح أن هذه الخطوة تأتي ضمن تعاون أمني متزايد بين الإدارة الأمريكية وحكومة الرئيس السلفادوري نجيب بوكيلي.
توسيع نطاق الترحيل
أشاد روبيو في منشور له عبر وسائل التواصل الاجتماعي بما وصفه بـ"التحالف النموذجي" بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والرئيس بوكيلي، مشيرًا إلى أن هذا التعاون أصبح، حسب تعبيره، "مثالًا يُحتذى في الأمن والازدهار في نصف الكرة الغربي".
وأفاد وزير العدل في السلفادور، غوستافو فيلاتورو، في بيان نُشر على منصات التواصل الاجتماعي، أن الأشخاص العشرة الذين تم ترحيلهم هذا الأسبوع نُقلوا مباشرة من قاعدة غوانتانامو البحرية الأمريكية في كوبا.
وأظهر مقطع مصوّر نشره الوزير لحظة إنزال المرحلين من الطائرة، وهم مكبّلون بالأصفاد ويُقتادون إلى مركز احتجاز يُعرف باسم "CECOT"، أو مركز احتجاز الإرهابيين، وهو سجن واسع النطاق ذو سمعة سيئة في ضواحي السلفادور.
إجراءات ترحيل جماعية
واصلت إدارة ترامب خلال الأشهر الماضية تنفيذ برنامج ترحيل جماعي، شمل إرسال مئات من الفنزويليين إلى السلفادور، ضمن اتفاق غير معلن مع حكومة بوكيلي، بحسب ما كشفته مصادر قضائية وإعلامية، ومن المتوقع أن يعقد بوكيلي لقاءً رسميًا مع ترامب في العاصمة واشنطن يوم الاثنين.
وصفت الحكومة الأمريكية الأشخاص المرحّلين بأنهم "عناصر خطرة" و"مشتبه بانتمائهم لعصابات إرهابية"، غير أن وثائق محكمة اطلعت عليها "واشنطن بوست" كشفت أن السلطات الأمريكية اعتمدت في معظم الحالات على أدلة سطحية، مثل وجود وشم معين أو ارتداء ملابس مرتبطة بالجماعات الإجرامية، دون توفر إثباتات جنائية قاطعة.
وحقق الرئيس بوكيلي شعبية كبيرة في أمريكا اللاتينية بفضل حملته الأمنية ضد العصابات، والتي أدت إلى انخفاض معدل الجريمة بشكل ملحوظ، ولكنّ منظمات حقوقية ومراقبين قانونيين انتقدوا بشدة تعليق حكومته للحريات العامة، وتعاونها السري مع قادة العصابات، بحسب تقارير صادرة عن الادعاء العام الأمريكي.
ورغم الجدل المثار، لم تصدر المتحدثة باسم حكومة بوكيلي، ويندي راموس، أي تعليق رسمي حول هوية المرحلين العشرة الذين تحدّث عنهم روبيو.
نظام الترحيل مقابل رسوم
أعلن روبيو، في فبراير الماضي، عن اقتراب التوصل إلى اتفاق يسمح للولايات المتحدة بترحيل المهاجرين المدانين إلى السجون السلفادورية مقابل رسوم مالية تدفعها واشنطن.
وبدأت أولى عمليات الترحيل الجماعي منتصف مارس ووصل عدد الرحلات حتى الآن إلى خمس، شملت مواطنين فنزويليين وسلفادوريين.
ودأبت الحكومة السلفادورية على نشر مقاطع مصوّرة توثق لحظة وصول المرحلين إلى مراكز الاحتجاز، ما أثار انتقادات من منظمات حقوقية اعتبرت أن هذه المواد تُستخدم للدعاية السياسية وتخالف المعايير الأخلاقية.
قانون "الأعداء الأجانب"
استندت بعض عمليات الترحيل إلى قانون "الأعداء الأجانب"، وهو تشريع يعود تاريخه إلى عام 1798، وُضع في زمن الحرب لتقييد حريات الأجانب المشتبه فيهم، ورغم قدمه، لجأت الإدارة الأمريكية إلى هذا القانون لتبرير ترحيل بعض الأشخاص دون اتباع الإجراءات المعتادة في قانون الهجرة.
وقضت المحكمة العليا الأمريكية الأسبوع الماضي بالسماح مؤقتًا باستمرار استخدام هذا القانون، مُبطلةً بذلك حكمًا سابقًا لمحكمة أدنى درجة كان قد علّق الترحيل، ومع ذلك، لم تُصدر المحكمة العليا حكمًا نهائيًا بشأن دستورية استخدام هذا القانون في هذه السياقات.
وأمرت المحكمة العليا يوم الخميس الإدارة الأمريكية باتخاذ خطوات لإعادة كيلمار أرماندو أبريغو غارسيا، وهو مواطن سلفادوري كان يعيش بشكل قانوني في الولايات المتحدة، وتم ترحيله خطأً إلى السلفادور في مارس الماضي.
ورغم صدور أمر قضائي صريح من قاضٍ فيدرالي يقضي بتقديم خطة مكتوبة لإطلاق سراحه، امتنعت الإدارة عن التنفيذ وعرقلت التحقيق القضائي مرارًا، حسبما أظهرت وقائع جلسة استماع عُقدت يوم الجمعة.
وفي تطور لاحق، أبلغ مايكل كوزاك، أحد مسؤولي وزارة الخارجية الأمريكية، قاضي ولاية ماريلاند أن السيد أبريغو غارسيا "على قيد الحياة وآمن"، ويقبع حاليًا في مركز احتجاز المهاجرين في سان سلفادور، بحسب ما نقلته السفارة الأمريكية هناك، لكن السفارة لم ترد على استفسارات الصحافة بشأن وضعه القانوني أو نية الحكومة حيال قضيته.
ترامب يدعم الترحيل
عقب صدور الحكم القضائي الأخير، صرّح الرئيس ترامب بأنه سيلتزم بقرار المحكمة "إذا طُلب منه إعادة أحد المرحّلين"، لكنه شكك في صلاحيات القضاء في إلزام السلطة التنفيذية بذلك.
وكتب ترامب عبر منصته الخاصة "تروث سوشيال": "هؤلاء الأشخاص أصبحوا الآن في عهدة السلفادور وحدها، وهي دولة ذات سيادة، ومصيرهم بأيدي حكومتها".
وفي المقابل، لم يصدر عن الرئيس بوكيلي أي تصريح رسمي بشأن قضية أبريغو غارسيا، رغم نشره صورة تُظهر توجهه إلى العاصمة الأمريكية واشنطن.