يعرقل التحول الأخضر.. تراجع زخم الطاقة المتجددة يهدد الأهداف المناخية
يعرقل التحول الأخضر.. تراجع زخم الطاقة المتجددة يهدد الأهداف المناخية
يثير تراجع نموّ مصادر الطاقة المتجددة على المستوى العالمي قلق الخبراء والمنظمات الدولية، إذ تشير أحدث تقارير الوكالة الدولية للطاقة إلى أن وتيرة التوسع في هذا القطاع تشهد تباطؤاً ملحوظاً، ما يجعل من الصعب تحقيق هدف مضاعفة القدرات ثلاث مرات بحلول عام 2030، وهو الهدف الذي تم التوافق عليه خلال مؤتمر المناخ كوب 28 الذي انعقد في دبي عام 2023.
وأوضحت الوكالة في تقريرها السنوي الصادر، اليوم الثلاثاء، أن التحولات السياسية والاقتصادية في بعض القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة والصين، أدت إلى تراجع زخم الاستثمار والتوسع في مشاريع الطاقة النظيفة، مما انعكس سلباً على المسار العالمي للانتقال الطاقي، بحسب ما ذكرت "فرانس برس".
أرقام أقل من المتوقع
ذكرت الوكالة الدولية أن القدرات العالمية للطاقة المنتجة من الألواح الشمسية وطواحين الرياح والمصادر المائية من المرجح أن ترتفع بمعدل 2.6 مرة فقط بحلول عام 2030 مقارنة بمستوى عام 2022، وهي نسبة أقل بـ5% من التوقعات السابقة التي صدرت العام الماضي.
ويُظهر التقرير أن التباطؤ الحالي يُعدّ مؤشراً مقلقاً في ظل ارتفاع مستويات انبعاثات الكربون، إذ كان يُفترض أن يشكّل قطاع الطاقة المتجددة محوراً رئيسياً في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
وترجع الوكالة أسباب التراجع إلى عاملين رئيسيين:
الإلغاء المبكر للتحفيزات الضريبية الفيدرالية في الولايات المتحدة، ما أدى إلى تراجع ثقة المستثمرين وتقليص التوقعات للنصف تقريباً مقارنة بالعام الماضي.
تحول الصين من نظام التعرفات المنظّمة إلى نظام العطاءات المفتوحة لشراء الكهرباء من مصادر متجددة، وهو ما أثر على مردودية المشاريع الاستثمارية في البلاد وأدى إلى انخفاض وتيرة النموّ المتوقعة.
تفاوت إقليمي في الأداء
وبحسب التقرير، من المتوقع أن تصل القدرات العالمية للطاقة المتجددة إلى نحو 4600 غيغاواط بحلول عام 2030، أي ما يعادل تقريباً الإنتاج الإجمالي لكل من الصين والاتحاد الأوروبي واليابان مجتمعة.
وفي حين شهدت هذه الأرقام تراجعاً عن التقديرات السابقة التي تجاوزت 5500 غيغاواط، فإن بعض المناطق عوّضت جزئياً هذا الانخفاض من خلال ديناميكية قوية في الاستثمار والتوسع.
ففي الهند، تبرز ملامح نهضة طاقية جديدة، إذ يُتوقّع أن تصبح ثاني أكبر سوق عالمية للطاقة المتجددة بعد الصين، مع زيادة قدراتها بأكثر من 2.5 ضعف خلال خمس سنوات.
أما الاتحاد الأوروبي، فقد حقق تحسناً طفيفاً في التوقعات بفضل سياسات التحفيز في ألمانيا وإسبانيا وإيطاليا وبولندا التي عززت برامج الطاقة الشمسية والرياح.
وفي المقابل، شهدت منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا نمواً ملحوظاً بنسبة 25% في توقعات القدرات الجديدة، مدفوعة بمشروعات ضخمة في السعودية والإمارات والمغرب ومصر، ما يعكس تزايد الوعي الإقليمي بأهمية التحول نحو الطاقة النظيفة وتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري.
عقبات سياسية واقتصادية
يؤكد التقرير أن التحديات لا تقتصر على الجوانب التقنية أو التمويلية، بل تمتد إلى القرارات السياسية وتقلبات الأسواق العالمية.
ففي الولايات المتحدة، أدى تغيير السياسات الفدرالية إلى تعطيل العديد من مشاريع الطاقة الشمسية والرياح، بينما تواجه الشركات في الصين صعوبات تنظيمية وتسويقية تهدد استدامة المشاريع الجديدة.
ويشير التقرير إلى أن استمرار هذا النهج قد يؤدي إلى فقدان الزخم الدولي اللازم لتحقيق أهداف اتفاق باريس للمناخ، حيث لا تزال الانبعاثات الكربونية في ارتفاع، في حين تتباطأ جهود خفضها بسبب تراجع الالتزام بالتحول الأخضر.
دعوة لتجديد الالتزام المناخي
دعت الوكالة الدولية للطاقة في ختام تقريرها إلى إعادة تحفيز الجهود الدولية، وتوفير إطار تنظيمي مستقر ومحفز للاستثمار، لضمان مضاعفة قدرات الطاقة المتجددة كما تم التعهد به في مؤتمر كوب 28.
وحذّرت من أن التقاعس عن تحقيق هذا الهدف سيُعرّض العالم إلى مخاطر مناخية واقتصادية جسيمة، ويؤدي إلى تأخير الانتقال نحو اقتصاد منخفض الكربون لعقود إضافية.