نساء يواجهن القمع.. الرياضة تتحول إلى فعل مقاومة يومي في أفغانستان
نساء يواجهن القمع.. الرياضة تتحول إلى فعل مقاومة يومي في أفغانستان
شهدت أفغانستان خلال السنوات الماضية تحولاً لافتاً في واقع النساء الرياضي، فبعد عقودٍ من التهميش والحرمان، استطاعت الأفغانيات أن يفرضن حضورهن في الساحات الرياضية، وأن يُثبتن أن الرياضة ليست حكراً على الرجال.
قبل عودة حركة طالبان إلى الحكم عام 2021، ازدهرت الأنشطة النسائية في مختلف المدن، حيث أُنشئت النوادي الرياضية الخاصة بالنساء، وشاركن في بطولات محلية ودولية في مجالات كرة القدم، والكرة الطائرة، وألعاب القوى، وفنون القتال، بل شكّلن فرقاً وطنية رفعت اسم أفغانستان في المحافل العالمية، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الجمعة.
غير أن هذا الحلم سرعان ما انكسر مع عودة طالبان إلى السلطة، إذ فُرض حظر شامل على الرياضة النسائية، وأُغلقت الأندية والمراكز الرياضية، وتحوّلت المساحات التي كانت تعج بالحيوية إلى أماكن صامتة يحيطها الخوف.
الرياضة كفعل مقاومة
مع اشتداد القيود، لم تستسلم النساء الأفغانيات للمنع، بل حوّلن المشي في الشوارع إلى فعل مقاومة هادئ يعبّر عن إرادتهن في الحياة، وأصبحت الطرقات، في الصباحات الباكرة، نوادي مفتوحة تمارس فيها النساء الرياضة في الخفاء، بعيداً عن أنظار عناصر طالبان.
تشير تقارير من داخل البلاد إلى أن النساء يمشين فرادى أو في مجموعات صغيرة، يلتزمن الصمت ويخفين ملامحهن تحت البرقع، لكن خطواتهن الثابتة تنطق بصرخة حرية مكمومة.
ورغم المخاطر، ترى كثيرات منهن أن هذا النشاط البسيط هو وسيلة للحفاظ على الصحة الجسدية والنفسية في ظل بيئة خانقة تسلب المرأة كل مقومات الحياة الطبيعية.
صوت من الظل
تقول نسيمة واصل، وهي أمّ في الستين من عمرها تمشي يومياً على جانب الطريق مع ابنتها وزوجة ابنها: "لا أعرف لماذا يستمتع طالبان بجعلنا نعاني، يقولون إنهم يمنعوننا من العمل والتعليم لحمايتنا من الرجال، لكن ماذا عن النساء اللواتي يتسوّلن في الشوارع؟ من يحمينهن؟".
تتابع نسيمة بحرقة: "حرمونا من ارتياد الحدائق والملاعب حتى لا نُفسد المجتمع، ولكن هل من الفساد أن نكون آمنات في أماكن مغلقة نحظى فيها بالاحترام؟ بينما في الطرقات المليئة بالغبار والسيارات لسنا في أمان أبداً".
كلمات نسيمة تلخص مأساة جيلٍ كامل من النساء اللائي يجدن في المشي البسيط تعبيراً عن كرامتهن، ووسيلة لمقاومة العزلة التي فرضها عليهن النظام القائم.
بين القمع والأمل
تُجمع منظمات حقوق الإنسان على أن حرمان النساء من ممارسة الرياضة هو انتهاك صارخ لحقوق الإنسان الأساسية، وحرمان لهن من أبسط وسائل العناية بصحتهن النفسية والجسدية.
ورغم الرقابة الصارمة، تُواصل النساء في أفغانستان محاولاتهن للتمسك بالحياة، عبر أنشطة فردية بسيطة، تُعيد إليهن بعضاً من التوازن المفقود.
وفي كل خطوةٍ يخطونها في طرقاتٍ مغبرةٍ أو أزقةٍ مكتظة، يتردّد وعدٌ صامت: الرياضة ليست ترفاً، بل فعل بقاءٍ ومقاومةٍ ضد التهميش والإنكار.











