"عبور النساء المؤجل".. تقرير يرصد العديد من الانتهاكات بحق اليمنيات

"عبور النساء المؤجل".. تقرير يرصد العديد من الانتهاكات بحق اليمنيات
مظاهرة تطالب بحماية حقوق المرأة اليمنية - أرشيف

مع اقتراب اليوم العالمي لمناهضة العنف ضد المرأة، أطلقت رابطة أمهات المختطفين تقريرًا صادمًا بعنوان "عبور النساء المؤجل"، وثّقت فيه حجم المعاناة والانتهاكات التي تتعرض لها النساء أثناء تنقلهن بين المدن اليمنية، لا سيما في محافظة تعز، التي مزقتها الحرب منذ قرابة عقد من الزمن.

وثّق التقرير الذي نشرته وسائل إعلام يمنية، اليوم الجمعة، 35 حالة إعاقة للحركة أو توقيف، و27 حالة تفتيش غير قانوني، و12 حالة إتلاف ممتلكات، إضافة إلى 10 حالات إهانة وسب، و10 حالات ابتزاز مالي، و9 حالات سلب ومصادرة ممتلكات، و5 حالات تهديد، و4 حالات تحرش، إلى جانب حالة احتجاز تعسفي لامرأة، في انتهاك صارخ لحق النساء في حرية التنقل والأمان.

وأكدت الرابطة أن هذه الانتهاكات وقعت خلال الفترة الممتدة بين عامي 2020 و2025، مشيرةً إلى أنها تمثل جزءًا من واقع يومي تعيشه النساء في ظل نقاط التفتيش والمنافذ المستحدثة بسبب الحرب، والتي تحولت إلى أدوات قمع وانتهاك للكرامة الإنسانية.

انتهاكات تتعارض مع القانون

شدّدت رابطة أمهات المختطفين خلال ندوة إطلاق التقرير على أن ما تتعرض له النساء يُعد خرقًا واضحًا للمواثيق الدولية والقوانين الوطنية، وخصوصًا القرار الأممي رقم 1325 المتعلق بالمرأة والسلام والأمن، والذي يدعو إلى حماية النساء أثناء النزاعات.

وقالت الرابطة إن الهدف من التقرير هو إنصاف النساء وإبراز معاناتهن وتسليط الضوء على الانتهاكات المستمرة بحقهن في طرقات تعز، مؤكدة أن هذه الأفعال "تتناقض مع القيم الإنسانية ومع التزامات الدولة اليمنية تجاه المواثيق الدولية".

وقالت رئيسة الرابطة أمة السلام الحاج إن التقرير جاء "بعد جهود ميدانية طويلة لجمع شهادات النساء اللواتي تعرضن للانتهاكات أثناء تنقلهن". 

وأضافت أن توقيت إصداره يتزامن مع حملة 16 يومًا لمناهضة العنف ضد المرأة، في محاولة لرفع الأصوات نحو العالم كي يرى ما تواجهه اليمنيات من ظلم يومي.

وأوضحت أن التقرير لم يكتفِ برصد الحالات، بل تناول أيضًا الآثار النفسية والاجتماعية التي لحقت بالضحايا، مشيرة إلى أن الرابطة تعمل على تحويل نتائج التقرير إلى خطط عملية تشمل برامج تدريب وتأهيل لأفراد النقاط الأمنية ومبادرات توعية مجتمعية.

وأكدت الحاج بأسف أن بعض الانتهاكات حدثت حتى في مناطق تخضع لسيطرة الحكومة المعترف بها دوليًا، بسبب ضعف التأهيل والرقابة، داعية إلى محاسبة المسؤولين عن هذه التجاوزات، وإدراجها ضمن ملفات حقوق الإنسان التي تقدمها الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

انتهاكات حوثية متكررة

وأشارت الحاج إلى أن أكثر الأطراف التي تمارس الانتهاكات بحق النساء هي مليشيات الحوثي، التي تنفذ اعتقالات وتفتيشات مهينة وتفرض قيودًا على التنقل. 

وقالت: "آخر انتهاك وثّقناه كان اعتقال موظفة في حالة صحية حرجة من قبل الحوثيين، وهذه الممارسات ليست استثناء بل جزءاً من واقع متكرر".

من جانبها، وصفت الناشطة سارة العريقي تقرير "عبور النساء المؤجل" بأنه من أهم الوثائق الحقوقية التي يجب أن تلقى صدىً دوليًا واسعًا، مؤكدة أن النساء يتعرضن لاستجوابات وإهانات متكررة على نقاط التفتيش دون مبرر. 

وأضافت أن المجتمع المحلي والحكومة يجب أن يقفا في وجه هذه الممارسات، لأن "السكوت عنها هو تطبيع مع الانتهاك".

ودعا التقرير في توصياته إلى تجريم القيود غير المبررة على التنقل، وإلغاء شرط المحرم عند السفر، وتوحيد إجراءات التفتيش والمصادرة تحت رقابة مدنية مستقلة، إلى جانب تدريب أفراد النقاط الأمنية على معايير حقوق الإنسان. 

وأوصى بإنشاء نظام إلكتروني لتوثيق الانتهاكات وبناء شبكات حماية قانونية محلية، ورفع التقارير إلى الآليات الأممية المختصة تمهيدًا لفرض عقوبات على المنتهكين.

طريق النساء في اليمن

يأتي هذا التقرير في وقت تتزايد فيه الدعوات الدولية إلى مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعي، بينما تبقى طرق اليمن مليئة بالمخاطر بالنسبة للنساء اللواتي يسعين فقط إلى عبور آمن نحو حياتهن اليومية.

بهذا، يُعيد تقرير "عبور النساء المؤجل" التذكير بأن الطريق في اليمن ليس مجرد وسيلة عبور، بل ميدان نضال للكرامة والحرية، وأن حماية النساء مسؤولية جماعية تتطلب إرادة سياسية جادة وموقفًا دوليًا حازمًا ضد كل من يمارس الانتهاك أو يصمت عنه.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية